السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجاء ساعدوني، أنا أنهار، وأخشى أن أفقد إيماني وأصاب بالجنون، أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، تقدم منذ مدة شاب لخطبتي، شاب عرف بحسن أخلاقه، استخرت الله تعالى في جوف الليل وثلثه أكثر من مرة، ودعوت الله مرارا وتكرارا بأن يرزقني رجلا صالحا، لكني شعرت بالذعر والارتباك أول ما سمعت أنه يريد خطبتي، وأنه ليس لديه عمل حكومي، دخلت حالة اكتئاب حاد.
عشت طول عمري ركضا خلف الدراسة، وخلف أحلام لم تتحقق، كل همي هو أن أكون مثقفة، وواعية حتى أربي أولادي أحسن تربية، وأن يكونوا ذرية صالحة، وأوفر لهم حياة مريحة، ترددت بالقبول من الشاب في بادئ الأمر بسبب عمله، لكن عائلتي نصحتني بأن الرزق من الله، وأنني أستطيع أن أخرج للعمل لأساعده في مصاريف البيت، وهذا ما لم يتقبله عقلي، فأنا أريد أن أقر في بيتي، وأن أهتم بتربية أولادي، لكنهم أقنعوني بأن أتوجه للعمل في التدريس، مع أن مناصب الشغل غير مضمونة، لكن مع كل هذا لم أشعر بالارتياح، رأيت صورة الشاب لم يكن به عيب، إلا أنني لم أشعر تجاهه بأي شعور، وأرهقني التفكير، ودعوت الله كثيرا أن يرشدني لاتخاذ القرار الصائب.
شعرت بالاختناق، فرفضت الشاب مباشرة قبل أن ألتقيه، وقبل أن يأتي أهله، لكن بعد رفضي مباشرة، وخزني شعور بالندم، فخفت أن لا أجد رجلا صالحا بعد الآن، وأشعر بأنني تسرعت وزادت حالتي سوءا وأرهقت روحي، وفقدت شهيتي وتبعثرت حياتي.
أرجوكم أرشدوني، وانصحوني أكاد أجن، أنا أثق بالله ثم بصلاة الاستخارة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يسعدك، وأن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، أرجو أن تعلمي أن ما حدث ليس نهاية المطاف، وأن هذه الأمور أرزاق والأرزاق بيد الكريم سبحانه وتعالى، كما أن هذا الكون ملك لله ولن يحدث في ملك الله إلا ما أراده الله، والإنسان لا يدري أين الخير.
ولكن علينا أن نبذل الأسباب، ثم نتوكل على الكريم الوهاب، وأرجو أن يكون في الذي حصل درس لك، فنحن لا ننصح بالمسارعة في رد الخطاب، ونعطي أنفسنا فرصة، ونعطيهم فرصة، فمن حق الفتاة وأوليائها أن يسألوا عن الشاب، ومن حق الشاب أن يسأل عنهم، وأهل الفتاة هم مرجعها، وأنت -ولله الحمد- عرفت الطريق إلى الاستخارة، فعليك أن تهتمي بعد الاستخارة بالاستشارة، ولأهمية الاستخارة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمها لأصحابها كما يعلمهم السورة من القرآن، فإذا طرق الباب طارق فاستخيري ربك، واستشيري محارمك، فإذا عزمت فتوكلي على الله.
ولا تحاولي الرجوع إلى الخلف، فهذا الذي حدث بتقدير الله، وإذا كان هذا الشاب من نصيبك فسيعود إليك، أما إذا لم يقدره الله فسيأتيك الخير، فأملي ما يسرك، واستمري في الدعاء واللجوء إلى الله، وأظهري أحسن ما عندك بين جمهور النساء، واعلمي أن لكل واحدة منهن محرما من محارمها يبحث عن الصالحات من أمثالك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
فلا مجال ولا محل للحزن، أو القلق أو الاضطراب؛ لأن هذا كله بتقدير ربنا تبارك وتعالى، والإنسان في مثل هذه الأحوال لا بد أن يوقن أن الخير فيما اختاره الله، قال عمر بن عبد العزيز: "كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار، فيما يقدره الله"، وقال عمر: "لو كشف الحجاب ما تمنى الناس إلا ما قدر لهم"، فكوني راضية بما يقدره الله لك.
نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.