بعد أن كنا محط الأنظار ومضرب المثل تدهورت أمورنا، فما السبب؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

لدي مشكلة، وأرجو لها الحل، فمنذ فترة وأنا أشعر بأن أحوال أسرتي أصابتها العين، وتبدلت إلى الأسوأ، فأخي الكبير هو العائل لنا بعد أن كان ناجحا في عمله، ووسع الله عليه في الرزق، ولكنه أصبح بلا عمل منذ خمسة أعوام، وحالته سيئة على المستوى المادي والاجتماعي، فبعد أن كان من الأشخاص المهمين، أصبح لا يزور أحدا، ولا أحد يدخل عليه، وقطع علاقته بجميع أفراد الأسرة، والبلدة التي نسكنها، ودائما في حالة ضيق مستمر.

أنا الأخ الثاني، كنت متفوقا جدا في التوجيهي، ومحبوبا، وبشوش الوجه، وعالي الضحكة، ولي أصدقاء في جميع الأنحاء، لكن منذ أن دخلت الجامعة أصبحت مكتئبا، ولا أقدر على فتح المناهج التعليمية، وأرسب بالسنين، وأشعر أن الله نزع القبول مني.

بعد محاولات طويلة لصنع أصدقاء أفشل في كل مرة، وأصبحت حياتي كابوسا لا أطيقه، لأني قد أستيقظ في الصباح إلى أن أنام في الليل ولا أفتح فمي بكلمة واحدة! لدرجة أني أصبحت أتحدث مع نفسي في السكن بصوت عال، حتى لا أنسى صوتي.

عندما يأتي الليل لا أستطيع النوم، وأشعر أن صدري يؤلمني، ودقات قلبي العالية قد تتوقف في أي لحظة، وللأسف الشديد أن أخي الأصغر دخل الجامعة العام الماضي، وأصابه ما أصابني، وأصبح بلا أصدقاء، ويكره الجامعة، وصار مكتئبا طول الوقت.

هل هذا طبيعي أن يتبدل الحال بدون مبرر، بعد أن كنا محط أنظار البلدة كلها، وكانوا يضربون بنا المثل في كل شيء جيد؟! أحاول إقناع أخي الأكبر أن بيتنا معيون، لكنه يقول: إنه لا يؤمن بهذه الخرافات، فكيف أستطيع أن أثبت لهم هذا؟

أنا شاب بعمر ٢٠ عاما، و-الحمد لله- حتى فترة قريبة كنت مصدر فخر لأسرتي، وإخوتي الصغار، وكنت الشاب النشيط الاجتماعي المتواجد في المناسبات، حتى إن الكبار كانوا يعرفونني للباقتي، وحسن أسلوبي، وكانوا يحسدون أهلي على أخلاقي الحميدة، وقوة حضوري، هذا على المستوى الاجتماعي.

أما على المستوى التعليمي فكنت متفوقا جدا في حياتي التعليمية، وكان يحبني كل معلمي، حتى إنهم لم ينسوني للآن، وما زالوا يذكرون إخوتي بي ويقارنونهم بمستواي التعليمي والاجتماعي على حد سواء، حتى إن أحدهم قال: إني طالب لا يتكرر إلا مرة واحدة كل ١٠ أعوام، لتميزي في جوانب كثيرة، وكنت في قريتي محط أنظارهم، فكنت دائما نظيفا مهندما، متواضعا مع الجميع، ومحبوبا من الكبير والصغير، ولكن كما يقال: دوام الحال من المحال، ومن أراد العلا فليبتعد عن القرى.

بدأ الفصل الثاني في حياتي، وهو الجامعة، فمنذ أن دخلتها (وهي جامعة رفيعة المستوى لا يدخلها إلا المتميزون) انقلب حالي، وأصبحت شخصا آخر غير الذي كنت عليه، فأصبحت بلا حضور اجتماعي، لا أحد يعرفني، وليس لدي أصدقاء، وصرت وحيدا متوحدا، دائما أجلس وحدي وأذهب وأعود وحدي، وهو أمر مؤلم نفسيا، وعلى المستوى التعليمي أصبحت أرسب بالسنين، ولا أستطيع أن أفتح كتابا واحدا، بعد أن كنت الأعلى مجموعا في التوجيهي، أصبحت الأسوأ في الجامعة.

ذهبت إلى طبيب نفسي، ولكن لم ينفع، وعندما أنام في الليل أشعر أن صدري سينفجر من الضيق، وفقدت ثقتي في نفسي، هل أصابني حسد أم أني أتخيل ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصرف عنكم ما حل بكم، وأن يعافيكم، وأن يبدل أحوالكم إلى الخير، إنه جواد كريم، وبعد:

ما حدث معكم -أخي الكريم- قد يكون له أسباب منطقية، فتعدد الآثار السلبية لك ولإخوانك، لا يشترط فيه أن يكون بسبب سحر أو عين، فنحن لا نحب أن نربط الأحداث بالعين أو غيره إلا بعد أن نستنفد كل الأسباب الممكنة، فإذا ظلت الأمور على ما هي عليه من تدهور، ونفدت كل الأسباب المادية، تأكدنا ساعتها أن الحدث خاص بالعين أو الحسد أو السحر.

نؤكد -أخي الكريم- على هذه النقطة؛ لأنه من الملاحظ أن بعض الناس تفسر أي حدث طارئ أو سلبي على أنه عين أو سحر، وهو أمر مريح للبعض، حتى يستريح من تعب أو عناء تغيير الأحداث، على أننا لا ننكر العين أو الحسد أو السحر، لكن ننكر أمرين:

1- تضخيم الحديث عنه، والاعتقاد فيه أكبر من حجمه.
2- صرف الأحداث السلبية إلى مسألة العين، وترك كل الأسباب المادية.

لذا نحن ننصحك بما يلي:
1- عمل دراسة جدوى للتغير المادي في حياتكم، فقد تكون العزلة التي أنت فيها وأخوك سببها هذا التغير الطارئ.
2- الاجتهاد في تغيير الحال، أو على الأقل التخفيف من آثاره السلبية.

3- البدء بوضع منهج خاص للتعامل مع الدراسة، والتعامل مع الناس دون قلق أو رهاب، ولن يكون الأمر في البداية سهلا، لكنه بعد ذلك سيسهل عليكم.

4- مع البدء بالتغيير المنهجي الهادئ، لا بد من مراعاة العين والحسد، وكيفية التخلص منها، ونحن قبل ذلك لا بد من ذكر قاعدتين هامتين قبل التماس العلاج وهي:

أولا: الإيمان التام بأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد الله عز وجل وكل شيء بتقدير، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، والمؤمن يعتقد ذلك ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) لذا أول ما نوصيك به أن تجمع قلبك على دينك، وأن تثق أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاستعن بالله أولا ولا تعجز.

ثانيا: العين حق، ولها تأثير عام، لكنه لا يقع إلا بإذن الله تعالى، وقد دل على ذلك القرآن والسنة، فمن القرآن ما قاله الله على لسان يعقوب عليه السلام: (وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: خوفا عليهم من العين، وكذلك قول الله: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون* وما هو إلا ذكر للعالمين).

أما السنة فما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)، رواه مسلم.

- علاج العين أو الحسد أو غيرهما أمر يسير، فلا تقلق ولا تستعظم ما ألم بك وبإخوانك، بل عليك الهدوء، ومن ثم القيام بما ورد في الكتاب والسنة، والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية، مع الإيمان والتصديق واليقين بالله عز وجل.

- الرقى ثابتة بالكتاب والسنة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الاسترقاء بـ "قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ أحد بمثلهن،" رواه مسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث، متفق عليه. والنفث: النفخ، وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين لما سحره اليهود، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمن رقى بسورة الفاتحة: (وما يدريك أنها رقية) رواه البخاري.

وعليه: فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة هي النافعة بإذن الله، ونحن ننصحك بما يلي:
أولا: الرقية بهذه الآيات لكل البيت:
1. الفاتحة.
2- آية الكرسي.
3- آيتان في نهاية سورة البقرة.
4- الإخلاص.
5- المعوذتان

ثالثا: قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تستطع فعلى الأقل سماعها كل ليلة، المهم أن يكون ذلك كل ليلة، ولا بد من الصبر والاستمرار عليها.

رابعا: المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).

خامسا: الرقية على الماء وصبها عليك وأهل بيتك؛ فهي نافعة بإذن الله تعالى، فقد ذكر ابن القيم أثرا في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم، قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر -بإذن الله- تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور، والآيات هي قوله تعالى: (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ] وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120] وقوله: (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه69].

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حين سئل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض ليس محظورا من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة.

يمكنك الاستزادة حول هذا كله من خلال كتاب الشيخ عبد الله الطيار (فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين)، وقد قدم له فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، كما يمكنك الاستعانة بالمشايخ الذي يعالجون بالكتاب والسنة، وإن كنا نفضل أن تقوم أنت بذلك، وعليك بالاستمرار على ذلك مع الصبر واليقين بالله، فهو الطريق للشفاء بإذن الله.

نسأل الله أن يصرف عنك ما ألم بك، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات