السؤال
أنا طالبة في السنة الأخيرة من دراستي الجامعية، وأنا أصغر ابنة لوالدي رعاهما الله، وحاليا الوحيدة المتبقية في المنزل، فقد تزوج إخواني أولا ومن ثم أخواتي.
المشكلة تكمن في شعوري باختلال توازني، وعدم القدرة على المضي بحياتي، نظرا لكوني أدرس بعيدا عن المنزل، فإني أعود إليه بكل شوق، ولكني سرعان ما أندم على العودة، وأشعر بأنني لا أنتمي لهذا المكان، وقد يكون ذلك بسبب المشاكل التي تدور رحاها بين إخواني وزوجاتهم، والتي تخبرني أمي بها سرعان ما أصل للمنزل.
علما بأني وكما يقول الجميع يعتمد علي وعلى آرائي، وأشعر بتحملي للمسئولية، ولكني بالمقابل أشعر بعدم الثقة، والحزن الشديد في أعماقي، واللذان لا يعلم بهما سوى المولى عز وجل، كما وأشعر أني حائرة، وهذا بالطبع لا ينعكس على مظهري الخارجي، حيث أني سأكون معلمة ويشيد الجميع بأسلوبي في التعامل مع الطالبات فترة التدريب.
لا أعلم ماذا أكتب غير ذلك، وأتمنى بالفعل أن تكون حروفي قد كونت ولو فكرة عن مشكلتي، ولكم الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الشفق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا أعتقد أنك تعانين حقيقة من مرض نفسي حقيقي، وإن الذي وصفته هو في الحقيقة نوع مما يعرف بعدم القدرة على التكيف، أو عدم القدرة على التواؤم؛ حيث أن إخوانك وأخواتك قد أكرمهم الله بالزواج وبقيت أنت في المنزل، وهذا بلا شك جعلك تقومين بدور جديد في الحياة.
كما أن طابع حياة الإخوان والأخوات قد تغير بالتأكيد بعد الزواج، وهذا هو الخلل الذي لم تستطيعي أن تتواءمي وتتكيفي معه، لكن أنت -الحمد لله- الآن أصغر سنا ممن بقي في المنزل، وهذا بالطبع يضع عليك مسؤوليات بالعناية بالوالدين ومساعدتهم، وهذا في حد ذاته سوف يمثل ركيزة إيجابية جدا، تزيد من تحملك وشعورك بقيمتك الذاتية.
ما تحكيه لك الوالدة عن مشاكل زوجات الإخوان هو بالطبع موجود في كل منزل، ولا أرى أنه من الضروري بالنسبة لك أن تتدخلي كثيرا في مثل هذه الأمور، أو أن تشغلي نفسك بها، فهذه التقلبات والتجاذبات تحصل في كل الأسر، وهم إن شاء الله لديهم القدرة والكفاءة لمعالجة شؤونهم الزوجية وشؤونهم الخاصة.
النقطة الثالثة هي أن توجهي كل مقدراتك وطاقاتك، وكذلك آمالك المستقبلية نحو الدراسة، والدارسة المتأنية وذات الجودة العالية، والتي -إن شاء الله- تكون حصيلتها التفوق والتميز، هذا يتطلب الجهد وتقسيم الوقت، وحين ينصب تركيزك على الدراسة سوف يقلل هذا إن شاء الله من الشعور بالملل والفراغ وعدم القدرة على التكيف.
الشيء الرابع: لابد أن يكون لك المقدرة على إدارة وقتك بالصورة الصحيحة، بأن تقسمي وقتك بين الراحة والدراسة، والتواصل مع الأسرة، وحتى الرياضة، ولا شك الواجبات الدينية والورد القرآني اليومي، كلها إن شاء الله تجعل حياتك ذات معنى، وحين يأتي هذا الشعور بأن حياتك أصبحت ذات قيمة عالية، سوف تقل وحتى تختفي إن شاء الله كل المشاعر السلبية.
وأخيرا أود أن أقول لك: أرجو ألا تكوني حساسة –خاصة- حول مشاكل الآخرين، وأن تعطي نفسك قيمتها الحقيقية والتركيز على دراستك.
وبالله التوفيق.