السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري 21 سنة، سأتخرج في كلية الصيدلية هذا العام -إن شاء الله-، منذ 7 سنوات، وأنا أعاني من مشاكل وانهيار نفسي، وكانت أمي تعاملني بشكل قاس من إهانة، وضرب أمام إخوتي!
كبرت وأنا أشعر بالحرمان من حنان الأم! أمي لم تعد تضربني، ولكنها لا تهتم بي، ولا تحن علي، أشعر بأنها تكرهني، هي مستعدة لمقاطعتي لفترات طويلة إذا حصل خلاف من دون أن تبادر بعناقي وتقبيلي، نتيجة لهذا ليس لدي علاقة صداقة مع أخواتي!
أنا وحيدة، أعيش في منزل مع 5 أشخاص آخرين، وأشعر بالوحدة، أغار وأتحسر عندما أرى زميلاتي يقضين وقتا مع أخواتهن وأمهاتهن كصديقات، أمي ليست لديها مشاعر ولا تهتم بي أبدا!
أذهب حاليا لطبيبة نفسية للعلاج من القلق، ولكن مشاكلي مع أمي تجعل حالتي أسوأ،
البارحة تجادلنا لدرجة أني دعيت عليها وسببتها! أشعر بأني أكره عدم حنانها علي، فهي تهتم فقط بأخواتي، ودائما تقول أني سبب المشاكل في البيت!
أخبرتني طبيبتي بأن تقديري لذاتي متدني بسبب كلام وضرب أمي لي سابقا عندما كنت أنهار بسبب قلقي، ولكن أمي لن تتغير، ما زالت عديمة المشاعر، وليس لديها ذرة أمومة وحنان، لا تبادر بالتعبير عن حبها لي ولا عناقي!
أشعر بالوحدة! ليس لدي علاقة مع أخواتي ولا أمي، أخاف في المستقبل إن تزوجت أن أتعرض للرفض من زوجي وأهله، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارت إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، ونسأل الله تعالى لك التخرج في كلية الصيدلة كصيدلانية ناجحة موفقة، ونفع الله بك -بإذن الله عز وجل-.
أختي الفاضلة: آلمني حقيقة ما قرأت في سؤالك من الجفاف العاطفي الموجود عند أمك، فنعم دور الأم أن ترعى أولادها وبناتها، فتغرقهم بالحنان والعطف والرعاية والعناق والضم، إلا أن هذا -مع الأسف- أنت محرومة منه، ولا شك أن هذا أمر مؤلم، ولكن الآن دعيني أقول لك ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أنا معك أستبعد أن تتغير طبيعة أمك هذه، فيمكنك ألا تتوقعي وتنتظري منها أن تتغير، فأنا أرجح -والأمر بيد الله عز وجل- أنها لن تتغير، فلا تجلسي تنتظري تغيرها، هذا أيضا لا يتعارض (طبعا) مع أن تصاحبيها في الدنيا معروفا، يقول الله تعالى عن الوالدين: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15].
طبعا والدتك لا تدعوك إلى الكفر ولا تأمرك به، وإنما هي جافة عاطفيا، وربما لأنها لم تتلق هذا الحنان من أمها، الله أعلم، أو بسبب تمييز الأولاد عن البنات، إلا أنك لا تتوقعين منها تغيرا، فصاحبيها في الدنيا معروفا، واعلمي أن هذا من الابتلاء الذي قد يبتلى به البعض؛ فالبعض يبتلى بأمه والبعض يبتلى بأبيه وهكذا، والعبد مطالب بأداء ما عليه من حقوق نحو كل صاحب حق، فكيف بالوالدين! فالوالدان لا ينبغي قول كلمة أف لهما، ناهيك عن السب والشتم، قال تعالى:" ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما"، هذا أمر من الله تعالى لنا بحسن معاملة الوالدين وبرهما لدرجة النهي عن التأفف، فما بالك بكلمات السب والشتم! لقد وردت آيات كثيرة تحث على بر الوالدين وخاصة الأم، فاحذري من تصرفاتك وتعاملك وسلوكياتك مع أمك مهما كانت مشاعرك، فالإنسان لا يحاسب على مشاعره طالما لا تترجم تلك المشاعر بسلوكيات وألفاظ وكلمات.
وتأكدي -أختنا- أن أمك تحبك، ولا تقبل بما يضرك، ولكن طبيعتها -كما قلنا- هي التي تحكمها وتتحكم بها، فلا تكوني الابنة العاقة ولو كانت هي الأم القاسية، فكل إنسان يحاسب على عمله وتقصيره في واجبه نحو الآخرين، وحقوق الآخرين عليه، وما تواجهين من تجاوزات من أمك فهذا مرد حسابه إلى الله سبحانه، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: ابدئي في بناء شخصيتك كصيدلانية شابة مؤمنة -بإذن الله عز وجل-، قريبة من الله سبحانه وتعالى، فهو خير معين وخير سند، فالجئي إليه -عز وجل-، لترفعي من ثقتك من نفسك، وتغيري من أسرتك ونفسك والآخرين والحياة، وجيد أنك تتابعين مع طبيبة نفسية، فهي تعمل معك أيضا في نفس الاتجاه.
الأمر الثالث: لا أوافقك -لو سمحت لي- في أن تخافي من أن زوجك في المستقبل -بإذن الله عز وجل- أن يرفضك، لماذا تتوقعين هذا؟ بالعكس أنا أتوقع أن يكتب الله لك زواجا موفقا سعيدا، ويرزقك زوجا يعوضك ما حرمت منه من الحنان والعطف، وأنت أيضا تعطينه الحنان والعطف الذي يحتاج.
داعيا الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويكتب لك تخرجا ناجحا وزواجا سعيدا موفقا.