السؤال
السلام عليكم.
لدي مشكلة لا أعلم سببها، لكني في بعض الأحيان أقول في نفسي أشياء بها معصية وشرك بالله غير إرادية، وعند التفكير فيها أشعر بندم وكره لنفسي.
فمثلا أقول: أنا أحسن من فلان؛ لأني أصلي وهو لا، أو ما أبشع هذا الشخص، وأذكر نفسي بالصدقات التي أخرجتها، وأن لي فضلا في الذي أعطيته، وأن نفسي حاسدة، وعدة أشياء أخرى من هذا القبيل.
والله ينتابني الحزن بعد تلك الأفكار، وأخاف من أن أكون من المشركين أو المنافقين، فما سبب فعلي ذلك؟
أرجو النصح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك كل خير، وأن يصرف عنك شر الوساوس، ويكتب لك عاجل العافية منها.
قد أحسنت -أيها الحبيب- حين سميت هذا الحال الذي تعيشه أنه حالة من التفكير السيئ، وهو في الحقيقة لا يتجاوز هذا الحد؛ فهو مجرد أفكار ووساوس تعرض لك، ولا حقيقة لها، وأكبر دليل على ذلك أن كل ما وصفته في سؤالك لم نر فيه شيئا يصح أن نسميه شركا بالله تعالى، وهذا تهويل من الشيطان، وتعظيم لأمر هذه الأفكار الوسواسية التي تداهمك، وتعرض لك؛ فهو يحاول أن يصنع منها شيئا كبيرا، حتى تتفاعل معها، وتعيش بسببها حالة من القلق والفزع، وتبدأ بالبحث عن إجابات، ونحو ذلك.
ولكن الحقيقة أن الأمر على خلاف ذلك تماما؛ فهي أفكار محتقرة، لا أهمية لها، وينبغي أن تتفاعل معها أنت بهذه الطريقة، وأن تصرف نفسك تماما عن التفكير فيها، فلا تتفاعل معها بخوف أو حزن، ولا تبحث عن جواب لأسئلتها، ولا تبحث عن آثارها، أو أثرها على إسلامك وإيمانك، ونحو ذلك من التفاعل.
اعرض عن هذا التفاعل تماما، فإذا داهمتك هذه الأفكار فأشغل نفسك بشيء نافع لأمر دينك، أو دنياك، واستعذ بالله سبحانه وتعالى، وإذا فعلت ذلك فإنها ستزول عنك -بإذن الله-، وأكثر من ذكر الله؛ فإنه حصن حصين، يتحصن به الإنسان من كيد الشيطان.
ويكفيك -أيها الحبيب- أن تقف عند حدود الله، وأن لا تفعل محرما، فإذا ظننت بإنسان ظن سوء فلا تحقق هذا الظن، ولا تحوله إلى حقيقة ويقين، ولا تبن عليه أعمالا، وجاهد نفسك على أن لا تسترسل مع الظن وتطمئن إليه وتعمل بمقتضاه، فإذا فعلت ذلك، فإنك لا تؤاخذ به؛ وقد جاء في بعض الأحاديث، "ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد، ثم قال: فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ"، رواه الإمام الطبرني.
وهذا الحديث يبين أنه قد يقع الإنسان في شيء من هذه الظنون، ولكنه منهي عن أن يحولها إلى يقين وحقيقة يتعامل بمقتضاها.
وأنت -ولله الحمد- تكره هذه الظنون، وتنفر منها، وتندم على حصولها في صدرك، وهذا كله يدل على أنك غير راض بها، وغير مسترسل معها، فإذا أنت في خير وعافية، فلا ينبغي لك أن تهتم وأن تشتغل بما تمليه عليك هذه الوساوس، وأشغل نفسك بما ينفع؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)، فإذا شغلت النفس بشيء تلهت ونسيت غيره.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.