مغترب في بلد غربي أشعر بالضياع والغفلة!

0 55

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مغترب منذ 7 سنوات في بلد غربي، ضائع، لا أدري ماذا يحصل لي! أحس بأني أغرق ولا أدري ما أفعل؟ لقد أصبحت تاركا للصلاة والعبادات، عندما أسمع القرآن أهرب كأني ممسوس من الجن، أبكي كل ليلة عندما أرجع إلى مكان نومي، أحس بأني هالك، وأن ما فعلته لا يمكن أن يغفر، وأخاف من الموت وما وراءه!

حاولت أن أرجع إلى الصلاة، ولكن لم أنتظم، أتذكر حياتي الماضية ولا أدري كيف أسترها! حيث حفظت القرآن، وكنت مصليا صائما عابدا، أشتاق إلى تلك الحياة، ولا أدري كيف أستردها!

لقد قطعت أشواطا في البعد عن الله، ساعدوني من فضلكم، أشيروا علي، ماذا أفعل؟ وكيف أبدأ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: أريد أن أؤكد لك أن مشاعر الندم والرغبة في العودة إلى طريق الله هي بحد ذاتها علامة إيجابية، وخطوة أولى نحو التغيير، هناك عدة خطوات يمكنك اتخاذها لتبدأ رحلتك نحو العودة إلى الصلاة والعبادة:

1. ابدأ بالتوبة الصادقة إلى الله، واعلم أن الله غفور رحيم ويقبل التوبة من عباده، الإحساس بالذنب والرغبة في التوبة هما من رحمة الله: ﴿۞ قلۡ یـٰعبادی ٱلذین أسۡرفوا۟ علىٰۤ أنفسهمۡ لا تقۡنطوا۟ من رحۡمة ٱللهۚ إن ٱلله یغۡفر ٱلذنوب جمیعاۚ إنهۥ هو ٱلۡغفور ٱلرحیم﴾ [الزمر ٥٣].

2. حاول أن تعود إلى الصلاة تدريجيا، يكفيك الاقتصار على الفرائض بالبداية.

3. حاول أن تبدأ بقراءة القرآن بشكل يومي، حتى لو كانت بضع آيات فقط، وتأمل في معانيها ورسائلها، المهم هو الاستمرار، (خير العمل أدومه وإن قل).

4. ادع الله في سجودك واطلب منه الهداية والثبات على الطريق الصحيح، وانطرح بين يديه، وتيقن بأن الله يحب عودة الشاردين عنه، فأنت لست غريبا عن سجلات الملائكة، فقد كنت مسجلا في ديوان الصالحين، ثم حصل لك فتور وغفلة، وحان الوقت للعودة مرة أخرى، وقد روى البخاري، ومسلم واللفظ له، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح".
5. حاول أن تحيط نفسك بأشخاص يعينونك على طاعة الله ويذكرونك به.
6. حاول أن تتجنب المواقف والأشخاص الذين قد يقودونك إلى المعاصي.
7. إذا كنت تعيش في بلد غربي، فابحث عن مسجد قريب يمكنك أن تجد فيه الدعم والمشورة.
8. قد يكون من المفيد التحدث مع شخص لديه خبرة في الإرشاد الديني، ويمكنه أن يقدم لك النصح والمساعدة.

تذكر دائما أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده، وأنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون، الطريق نحو العودة قد يكون صعبا في البداية، لكن بالصبر والمثابرة والتوكل على الله، يمكنك استعادة علاقتك بالله والعودة إلى طريق الهداية.

ولمزيد من النصائح حول كيفية توفير بيئة داعمة في البلد الغربي الذي تعيش فيه، إليك هذه الأمور:

1. تواصل مع المساجد أو المراكز الإسلامية في منطقتك، يمكن أن يكون هذا مصدرا قيما للدعم والمشورة.
2. احضر الدروس الدينية والمحاضرات التي تقام في المساجد أو المراكز الإسلامية، وشارك في الأنشطة المجتمعية الهادفة.

3. ربما تجد مجموعات دعم للمغتربين المسلمين، أو يمكنك تكوين واحدة بنفسك، هذه المجموعات يمكن أن توفر الدعم العاطفي والروحي.
4. استفد من وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات الإلكترونية للتواصل مع مسلمين آخرين حول العالم وتبادل الخبرات والنصائح.

5. المشاركة في الأعمال الخيرية تجعلك تشعر بالرضا وتقوي علاقتك بالمجتمع.
6. يوجد العديد من الخطباء والعلماء الذين يقدمون محاضرات قيمة عبر الإنترنت يمكن أن تساعدك في تجديد إيمانك وزيادة معرفتك.

7. حافظ على التواصل مع العائلة والأصدقاء الذين يمكن أن يوفروا لك الدعم العاطفي والروحي.
تذكر أن البيئة الداعمة ليست فقط حول الأشخاص الذين تحيط نفسك بهم، ولكنها تشمل أيضا الأنشطة والعادات التي تقوم بها يوميا لتعزيز إيمانك ورفاهيتك النفسية.

ولا شك أن علاقتك بالله تعالى هي شوكة الميزان في هذا الأمر؛ لأن تقوية العلاقة الروحية بالله تعالى تحتاج إلى مجهود واع ومستمر، وفيما يلي بعض النصائح التي قد تساعد في تحقيق ذلك:

1. حاول التركيز في صلاتك، وفهم معاني الآيات والأذكار التي تتلوها، الصلاة هي أقرب ما يكون العبد من ربه، يكفيك أن تتفكر في معاني سورة الفاتحة وأنت تقرؤها في الصلاة.

2. اجعل لك وقتا يوميا لقراءة القرآن مع التفكر في معانيه وتطبيقه في حياتك.
3. اجعل لسانك رطبا بذكر الله، فالذكر يعزز الإحساس بالقرب من الله، كما أن الدعاء هو العبادة، والذكر عبادة سهلة، يمكنك القيام بها حتى في أثناء عملك اليومي.

4. تأمل في خلق السماوات والأرض وفي نفسك، هذا يساعد على تعميق الإحساس بعظمة الخالق، ﴿ٱلذین یذۡكرون ٱلله قیـٰمࣰا وقعودࣰا وعلىٰ جنوبهمۡ ویتفكرون فی خلۡق ٱلسمـٰو ا⁠ت وٱلۡأرۡض ربنا ما خلقۡت هـٰذا بـٰطلࣰا سبۡحـٰنك فقنا عذاب ٱلنار﴾ [آل عمران ١٩١].

5. اسع إلى تعلم أمور دينك من خلال قراءة الكتب الإسلامية، أو حضور الدروس والمحاضرات.
6. الاستغفار ينقي القلب ويجدد العلاقة بالله، تذكر أن باب التوبة مفتوح دائما.

7. ابذل جهدا في عمل الخير ومساعدة الآخرين، الأعمال الصالحة تقربنا إلى الله.
8. الانخراط في المجتمع المسلم والمشاركة في الأنشطة الجماعية يمكن أن يعزز إيمانك ويربطك بالآخرين. واحرص على حضور المناسبات الرسمية للمسلمين كالأعياد مثلا.

تذكر أن العلاقة مع الله هي رحلة مستمرة تتطلب الصدق مع النفس، والالتزام الدائم.

نسأل الله أن يردك مردا جميلا، وأن يشرح صدرك للإيمان.

مواد ذات صلة

الاستشارات