متردد في الزواج بسبب أوضاع أسرتي، فما توجيهكم؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أرغب في إكمال نصف ديني بالزواج، ولكني متخوف من المستقبل، ومن عدم قدرتي على تحمل المسؤولية، والقيام بالواجبات الزوجية، كما أخشى أن يأتي يوم لا أملك فيه دخلا ماديا يكفي لتأمين مستلزمات الحياة، وخائف من مواجهة مصاعب الحياة.

أكثر ما يخيفني هو: بقاء والدي ووالدتي في المنزل وحدهم بعد زواج جميع إخوتي، وأخي المعاق الذي يعاني من ضمور في الدماغ، ويحتاج إلى رعاية خاصة، وكذلك والدتي التي تعاني من آلام الظهر، ولا تستطيع إنجاز أعمال البيت، وأنا أساعدها بذلك، أخشى أنني إذا أقدمت على الزواج -رغم حاجتي إليه لعفة نفسي-، أن أظلم أهلي بسبب وضعهم الصعب، فمن سيبقى لخدمة أمي عندما تحتاج إلى ذلك، وكذلك لرعاية أخي المعاق؟ علما أن منزلنا صغير وفيه غرفة واحدة فقط، فما السبيل للخروج من هذا الهم الذي أعانيه؟ ولا سيما أني أسكن في بلد تعاني من سوء الأوضاع.

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الوالدة وبأمر الأخ، وهذا دليل على برك، وبشرى لك، فإن البر مفتاح للتوفيق، وباب لرضوان الله تبارك وتعالى، ونحب أن نؤكد لك أن الزوجة الصالحة إذا أحسنت اختيارها، وتفهمت هذا الوضع، فهي خير من يعينك على الصعاب المذكورة.

وحقيقة الإنسان يتزوج لأهداف كبيرة، لكن البررة من أمثالك يضعون هذا أيضا في بالهم عندما يتزوجون، وأعتقد أن الوالد والوالدة يسعدهم ويساعدهم ويفيدهم، أن تتزوج كما تزوج إخوتك، ولكن عندما تتزوج ينبغي أن يكون هذا الهدف بالنسبة لك واضحا، فإذا رزقك الله بزوجة صالحة تتفهم هذا وتساعدك في المهام الكبرى التي تقوم بها، فهي زوجة جديرة بأن تحمل على الرأس وتكرم، وهذا الأمر ينبغي أن يكون واضحا من البداية.

أما بقية المسؤوليات التي أشرت إليها فلست مطالبا بها، الرزاق هو الله تبارك وتعالى، واهم من يظن أنه يأتي بالرزق، فالخوف على الرزق لا يصح، لأن الله قال لمن يخاف على رزقه: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم} [الأنعام: 151]، في هذه الآية تقدم رزق الآباء على رزق الأبناء، وفي الآية الأخرى قدم رزق الأبناء على رزق الآباء: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم} [الإسراء: 31]، فقدم الأبناء لأنهم كانوا يخافون على رزق الأطفال، من أين يأتون برزقهم، فالعظيم سبحانه أخبرهم أنه هو الرزاق وقال: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} [هود: 6]، ليس البشر وحدهم، إنما هو رزاق لسائر الكائنات.

واعلم أن في الزواج بركة وخير وسعة، و(طعام الاثنين يكفي الأربعة)، والزوجة تأتي برزقها، وإذا رزقك الله بأبناء فكل رزق يأتي برزقه، وبعض هؤلاء الصغار رزقهم موسع، وقد تكون الزوجة رزقها مبارك فيه، وطعام الاثنين –كما قلنا- يكفي الأربعة، و(هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم) هكذا يعلمنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

ولا يخفى عليك أن الإنسان في باب الرزق مطالب فقط بأن يسعى، وقد جاء الأمر بالمشي والضرب في الأرض ابتغاء فضل الله، قال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} [الملك: 15]، وقال: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} [الجمعة: 10].

وقال سبحانه وتعالى لمريم وهي في ضعفها حينما فاجأها المخاض إلى جذع النخلة: {وهزي إليك بجذع النخلة} [مريم: 25]، ماذا تفعل في ضعفها وفي لحظات المخاض؟ ولكن فعل الأسباب، فكل شيء بناه ربنا العظيم على الأسباب التي ينبغي أن نفعلها ثم نتوكل على الكريم الرزاق الوهاب سبحانه وتعالى.

ألم تر أن الله قال لمريم ... إليك فهزي الجذع يساقط الرطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزها ... جنته، ولكن كل شيء له سبب

عليه: أقترح عليك أن تقدم على الزواج، متوكلا على الله تبارك وتعالى، تحسن اختيار زوجة تتفهم وضعك العائلي، وتكون بنتا لأمك، تعينها على الصعاب، تعينك على تحمل مهام الأخ المعاق أيضا، قد تكون عونا لك على الطاعة، ومن حق مثل هذه الزوجة أن تكرم وأن يقدر هذا الجهد الذي تقوم به، وستجد في بنات الصالحين والأخيار من تتحمل هذا، بل من ترغب في هذا، لأن هذا باب إلى جنة الله ورضوانه.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات