السؤال
السلام عليكم.
هذه المرة الأولى التي أسأل فيها أحدا في هذا المواقع.
عندما أجد أحدا في مواقع التواصل يصور نفسه أنه بدأ الصلاة، أو يصلي ويصور نفسه، فإني أشعر بكره لهذا الشخص من أنه يصلي، وأدع الله أن لا أحسد ولا أبغض مسلما جديدا أو تائبا.
الأمر الآخر: هو أنني كثير الكلام واللغو، وكثير الغيبة، وكثير الحلف، ولو لم أكن مرغما على ذلك.
الأمر الثالث: هو أنني إذا فعلت خيرا من معروف أو صدقة فإني أمن على ذلك، وإن خاصمت أحدا أو كانت بيننا مشكلة فإني أغتابه، وأقول لمن أسرد له مشكلتي بأنني فعلت معه كذا وكذا.
نفسي خبيثة، وأنا أدري بذلك، وأرجو من الله أن يعينني على إصلاح نفسي وتزكيتها.
أسأل الله أن يصلحني ويصلح جميع المسلمين.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
هنيئا لك هذه النفس اللوامة التي تدفعك لإصلاحها، والسعي إلى تهذيبها، ولكن ينبغي أن تتنبه إلى ورود نص يحذر المسلم من أن يقول لنفسه (خبيثة) ونحوه مما يدل على ذلك؛ ففي الحديث المتفق عليه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي)؛ ولقست: أي تبدلت أو تغيرت، ولفظ الخبث ثقيل على النفس، ويوحي بجرم عظيم، بينما حالة النفوس البشرية أنها تتقلب بين الخير والشر، والإقبال والإدبار، والنشاط والضعف، ووصفها بحال واحد يوحي بالحكم عليها، ويوحي بالعجز عن إصلاحها وتهذيبها.
أخي الكريم: إصلاح النفس وتنقيتها مما يعلق بها من أدران الصفات، والسلوكيات، والأمراض القلبية أمر يسير لمن صدق والتجأ إلى الله، ولكنها تحتاج لصبر، ومداومة، ومجاهدة، وقد ربط القرآن الفلاح بصلاح هذه النفس، فقال تعالى: (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها)، وأساس تنقية النفس وتهذيبها هو صلاح القلب مما يعلق به من آفات الأقوال والأفعال، فإذا صلح القلب صلح الجسد وكل ما فيه، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (... ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
لذلك –أخي الفاضل– عليك بقصد إصلاح قلبك، وستجد كل الجوارح تبعا لصلاحه.
وصلاح القلب يكون بتنقيته من الشبهات والشهوات، ولتحقيق ذلك ننصحك بأمور، ونسأل الله أن ينفعك بها، ويوفقك للعمل بها.
أولا: عليك بالاهتمام بأعمال القلوب؛ كالإخلاص لله تعالى، والحب، والرجاء، والمراقبة، والخشية، وتغذيتها بالأعمال التي تقويها، مثل: الدعاء، والتضرع لله تعالى، وذكر الله على كل حال، والتفكر والتدبر في خلق الله تعالى، وتلاوة القرآن بتدبر، ومحاسبة النفس، فكل هذه من الأعمال التي تحيي القلب، وتقوي صلته بالله.
ثانيا: طلب العلم النافع، والتزود من معرفة علوم التزكية، وما يحقق استقامة النفس، وأسباب فسادها، ومداخل الشيطان، ووسائل غوايته، وهذا الأمر مهم؛ فالمؤمن ينبغي أن يكون حريصا على معرفة أسلحة عدوه التي يستخدمها، والله يقول: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا).
ثالثا: المبادرة إلى الأعمال الصالحة، والإكثار من النوافل، والحرص عليها بحضور القلب؛ فالمداومة على الأعمال الصالحة تهذب النفس وتطهرها.
رابعا: من أعظم ما يصلح النفس هو بذل المعروف والعطاء: كالدعوة إلى الله، وإعانة المحتاجين، وإغاثة اللهفان؛ فالعطاء له تأثير في النفس كبير، وقد أخبر الله تعالى بذلك عند إعطاء الصدقة والزكاة، فقال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
خامسا: حضور مجالس الذكر، وتدارس العلم والمواعظ والمحاضرات، وكل ذلك مما يرقق القلب، ويصلح النفس.
أخيرا -أخي الفاضل-: ما تحدثت عنه من آفات القلب والنفس: كالمن على الآخرين، أو الغيبة، أو كثرة الحلف دون حاجة، كلها تصلح بصلاح القلب والنفس؛ فالنفس كالقائد إذا استقامت النفس، استقامت بقية الجوارح، فعليك أن تقصد الأساس، وتجتهد في إصلاح نفسك، وتسأل الله أن يعينك على ذلك، وتبادر دون تأخير أو تسويف، وسوف تجد ثمرة ذلك -بإذن الله-، مع الصدق، والإخلاص، والمداومة.
نسأل الله أن يوفقك لصلاح نفسك وتهذيبها، وأن يعينك على الخير وأسبابه.