السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ابن خالتي لا يصلي، وأنا مهتم بإقناعه بالصلاة، وأحتاج لتوجيهكم في شأن تحقيق هذا الهدف السامي، وما هي طرق وفنون التعامل مع الناس من أجل الإقناع؟
فمجرد الكلام عن الجنة والنار لم يفلح، لهذا أحتاج لتعلم بعض الأساليب في الإقناع.
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hichem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
بداية -أخي أفاضل- هنيئا لك هذا الحرص على الدعوة ونفع الآخرين؛ فالنصيحة من حق المسلم على أخيه، والاجتهاد في معرفة وسائل الدعوة المؤثرة والمقنعة من البصيرة، في قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)، فنسأل الله أن يثبتك على الخير، وينفع بجهودك، ويبارك فيك.
أخي الفاضل: وسائل وأساليب الإقناع والتأثير كثيرة ومتنوعة؛ لذلك يختلف استخدام كل وسيلة حسب وضع الشخص الذي تريد دعوته، فمن أهم وسائل تأثير الإقناع هو معرفة حال المدعو؛ فإذا عرفت حال المدعو، فإنه يمكنك استخدام ما يناسبه من الوسائل المؤثرة، فمن الناس من يجدي معه الأساليب العاطفية، وآخر تجذبه الأساليب العقلية وهكذا؛ لذلك نقدم لك مجموعة من الأساليب والنصائح التي نسأل الله أن تفيدك في دعوتك للآخرين:
أولا:- التدرج في الدعوة، وهو أهم الأساليب التدرج في إيصال ما تريد للمدعو؛ فالنفوس تنفر من المواجهة المباشرة، فعليك أولا بالمخالطة الحسنة، وإظهار حسن السلوك والتعامل، وإظهار وممارسة ما تريد الترغيب فيه، والابتعاد عما تريد التحذير منه، فمع المخالطة، والمعروف، والإحسان، تلين طبائع الناس، وتبادر للاستجابة.
ثانيا:- بذل الإحسان والمعروف، وهو أحد الأساليب المهمة لكسب القلوب؛ فالإنسان أسير للإحسان، فتقديم الهدية، والثناء الحسن، والوقوف مع المدعو في الشدة والحاجة، وبذل المعروف، وكل ذلك من المعروف والإحسان الذي يأسر القلب، ويجعل صاحبه يبادر إلى الاستماع والاستجابة.
ثالثا:- التلميح لا التصريح، وهو أسلوب توصل به ما تريد عن طريق الإشارة غير المباشرة؛ فيمكن أن تصطحب صديقك إلى محاضرة أو درس، أو يمكن أن تسمعه تسجيلا لمحاضرة ونحوه، وأن تتحدث عن الجانب السلبي الذي يقع فيه أو يمارسه، فهذا توجيه للنصيحة بشكل غير مباشر.
رابعا:- إزالة الشبه والصورة الذهنية السلبية؛ فمن أهم أسباب عدم الاستجابة أن عقل المدعو يكون مليئا بالأفكار السلبية، أو النظرة السطحية، أو الفهم الخاطئ، ومهما حاول الشخص أن يبادر إلى الدعوة ستكون تلك الأفكار حاجزا ومانعا أمام استجابته، لذلك إزالة تلك الحواجز مهم جدا، وهذه الحواجز منها ما هو فكري مرتبط بالصورة الذهنية، ومنها ما هو عملي في الممارسة، والسلوك، والأخلاق.
لذلك عليك أن تتدرج في إزالة تلك الأفكار من خلال المعاملة الحسنة، واستهداف التركيز على بعض القضايا التي تشعر أنها سبب في ضعف استجابته: كظن البعض أن التدين يقيد حرية الإنسان، أو أن الالتزام بالصلاة والعبادات شاق ومرهق، أو أن الالتزام عموما يهدر عليه المتعة في الحياة، إلخ.
خامسا:- إبعاده عن وسائل وبيئة الانحراف؛ فما دام هذا الشخص المراد دعوته قريبا من وسائل الانحراف، فإن استجابته ستكون ضعيفة، وإبعاده عن وسائل الانحراف مهم جدا، حتى يمكن إيصال الحق له، فالالتفاف، والاحتفاء، والاهتمام، تشعر المدعو بأهميته ومكانته، واستغلال مواسم الخير كرمضان وغيره، أو أي مناسبة أخرى يمكن أن يساعد في إبعاد المدعو عن بيئة الفساد والمعصية، كذلك يمكن الخروج معه في نزهة، أو اصطحابه في رحلة بعيده كعمرة ونحوه، وبعد ذلك تقدم له الدعوة بشكل غير مباشر.
سادسا:- استغلال المواقف والأحداث؛ ففي أي مجتمع أحداث ومواقف مؤثرة على المستوى الفردي أو الجماعي، واستغلال هذه الأحداث في إحياء جانب الإيمان، والترغيب والترهيب، مع وجود الأحداث، يكون له تأثير أكبر في المجتمع، فمثلا عند موت قريب أو صديق..إلخ؛ يمكن استغلال ذلك في توجيه النصيحة العامة، أو الخاصة، واستخدام أسلوب الترهيب أو الترغيب، أيضا شهر رمضان من المواسم التي ينبغي استغلال إقبال النفوس فيها على الله، وهكذا.
أخيرا -أخي الفاضل-:
الصدق والإخلاص يجعلان الأساليب البسيطة ذات تأثير بليغ في النفس، كذلك أن يراك الناس نموذجا في الأخلاق، والالتزام، وحسن التعامل هذا بحد ذاته دعوة صامتة؛ لأنهم يرون أمامهم نموذجا لهذا الدين في انضباط سلوكه وأخلاقه، كذلك طلب العلم، ومعرفة الأدلة والبراهين العقلية، والرد على الشبهات بطريقة مقنعة، كل هذا من الأساليب الإقناعية.
كذلك ننصحك بالدعاء، والتضرع إلى الله أن يهدي قريبك، وأن تصبر وتجتهد في تحقيق النتائج.
نسأل الله أن يجري الخير على يديك، وينفع بك.