السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 13 سنة، وعلى يقين أن الجميع يكرهني، ولا أحد يشعر بالراحة معي، ويستغلون طيبتي بشكل أناني، لا أشمل الجميع ولكن أغلب معارفي، لم أتمكن من بناء علاقات صحية حتى الآن، وليس لدي صديقات، وغالبا تنتهي علاقاتي وأكتشف بعدها أني المخطئة، فيتحامل الناس علي، حتى في الباص أشعر بأني غير مرغوبة، وأرغب في التحول إلى شخصية محبوبة، وحينما أفضفض المستمع يلقي اللوم علي.
سأذكر لكم أحد المواقف: لدي مجموعة من الصديقات في المدرسة، وفي إحدى الأيام طلبت من زميلتي دفترها لأكتب الواجب المنزلي الذي أجلته، وكنت أريد إنجاز الواجب في المدرسة في أول حصتين من الدوام، وبعد ذلك اكتشفت المعلمة ذلك، ولا أعلم كيف علمت؟ وأخذت الدفتر وذهبت به إلى المديرة، وكما ذكرت صديقتي أن المديرة لم تغضب، وكذلك المعلمة، ولكن المعلمة قد تغضب علي، وبعد ذلك الطالبات ضحكن علي، ولدي من المواقف الكثير، والطالبات يتهمنني بمحاولة إيذائهن، وأني أكرههن، علما أنني لا أفكر بهذه الطريقة.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريماس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتي العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
طريقتك في الشرح والتعبير عن أفكارك تدل على أنك فتاة ذكية وقادرة على وصف معاناتك بدقة وتعبيرك رائع، وهذا يدل أنك فتاة رائعة ومتميزة، إلا أنه يبدو أنك تمتلكين شخصية حساسة، والشخصية الحساسة تميل إلى تضخيم المواقف، وتعتمد على تأويل الأحداث بشكل سلبي، كما أن الشخصية الحساسة تعتبر مهووسة بالإتقان وحب الكمال ولا تحب النقص؛ لذلك تدقق في أي خطأ مهما كان صغيرا، وتبدأ ببناء أفكارها وظنونها وفق أبسط المواقف؛ لذلك تكون حساسة جدا لأي إشارة توحي بالنقد، أو الخطأ... إلخ.
لذلك -ابنتي العزيزة- أنت في هذه السن المبكرة جدا بحاجة إلى احتواء عائلي مهم جدا، يشعرك بالثقة بالنفس والحب والعاطفة، كذلك تحتاجين لتعزيز جوانب التفوق في نفسك عبر إبراز نجاحاتك المختلفة في الحياة، فالإنجاز يشعرك بالثقة، ويعزز فيك تقدير الذات.
كذلك أنت بحاجة لفهم أساليب التعامل مع الآخرين وفق مبدأ: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، [286 البقرة]، وأن الكمال في الأشياء متعذر، وهذا يعني أن وجود الأخطاء في أي شيء أمر طبيعي، سواء كانت هذه الأخطاء فيك أو في غيرك، وينبغي أن تتعلمي أن الخطأ لا يعني النهاية أو التوقف، ولكنه يعني إعادة التجربة بوسائل وطرق مختلفة.
ابنتي العزيزة: لا تجعلي لغة اليأس والإحباط تسيطر على عقلك وقلبك؛ لأنها تسبب لك العجز وتمنعك من التغيير للأفضل، فعبارات من أمثال: "الجميع يكرهني"، "أحس نفسي مكروهة "، كل ذلك من الوهم وما تمرين به من آثار الشخصية الحساسة؛ لذلك ننصحك أن تعاملي من حولك بأسلوب التواضع، وأن الكمال لله وحده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، وأن الإنسان يبذل جهده وطاقته للاقتراب من الإتقان قدر المستطاع، والإنسان معرض للخطأ في أي وقت، والخطأ لا يعني أن من حولك يكرهك أو يبغضك؛ لأن الجميع معرض لهذا الشيء في أي وقت.
كذلك ننصح: أن تبتعدي قدر المستطاع عن الأوساط التي تثير هذا القلق في نفسك وتزيد من شدة الحساسية في تعاملك، فربما يكون للوسط الاجتماعي في الغرب سبب في زيادة ذلك في نفسك، وبادري إلى تعزيز الثقة بالنفس من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، وقراءة القرآن، والأعمال التطوعية الجماعية، وبادري للمشاركات الاجتماعية والاختلاط الإيجابي بصديقاتك الطيبات، وكوني مبادرة بالإنجازات والأفكار، ولا تجعلي شخصيتك تمثل دائما دور الضحية، والشخص الناقد المدقق على أبسط التفاصيل، سيخرجك كل هذا من دائرة الوهم والمشاعر الحساسة -بإذن الله-.
نسأل الله أن يوفقك وييسر أمرك.