أشعر بتبلد في الذهن ووساوس أوصلتني للوسوسة في العبادة وغيرها

0 379

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كنت فيما مضى سريع الفهم، قوي الحجة في المناظرة، ثم بدأت أشعر الآن بنوع من التدهور في نشاط الدماغ من حيث سرعة الفهم ومواصلة الفكر وحل القضايا، وأشعر في كثير من الأحيان بتبلد في الذهن، وأود أن أوضح بعض الأمور لعلها تساعد في الحل.

أولا: أني أصبت بوسواس في العبادة، فكنت أنسى كثيرا، ثم بعد ذلك تعدى إلى غير العبادة، فأنسى مثلا هل أغلقت الشيء الفلاني أم لا.

ثانيا: أني فرغت وقتي لطلب العلم، ولكن ربما أكون قد أجهدت نفسي، فكان في بعض الأيام لا أستطيع أن أنظر في كتاب أصلا لعدم القدرة على التركيز.

ثالثا: ترسخ في ذهني أني إذا لم أفهم شيئا معينا، وقد فهمه غيري ممن كنت أظنه دوني في الفهم، أني صرت غبيا، فأخشى أن يكون هذا التفكير قد ترسخ في ذهني وفقدت الثقة في نفسي، فهل هناك دواء معين ينشط الدماغ مثلا؟ أم هل لابد أن أراجع طبيبا عقليا أو نفسيا؟

وجزاكم الله تعالى خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المكدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي أصابك من ضعف في التركيز وعدم القدرة على الاستيعاب وما وصفته بالتبلد، هو في حقيقة الأمر مرتبط ارتباطا وثيقا بالوساوس القهرية التي أصابتك، حيث أن الوساوس في حد ذاتها تؤدي إلى القلق والتوتر، وهي تؤدي أيضا إلى التشتيت الذهني لدى بعض الناس؛ لأن طاقاتهم النفسية التي كان من المفترض أن توجه نحو التركيز والاستيعاب، يتم إتلافها أو عدم الاستفادة منها من خلال هذه الوساوس.

وأنت ذكرت مثلا أنك قد تنسى في بعض الأحيان أنك قد أغلقت الشيء الفلاني أم لا، حقيقة هذا ليس من النسيان فقط، إنما هو من الوساوس أيضا؛ لأن الشكوك الوسواسية هي التي تجعل الإنسان يشعر أنه هل قام بعمل شيء ما أم لم يقم به، وهذا يجعله يتردد ويكرر الفعل عدة مرات، والبعض يعتقد أنه مصاب بالنسيان، ولكن هذه ليست إصابة بالنسيان، إنما هي جزء من الوسواس القهري.

أخي الفاضل! لابد لك بالطبع أن تعالج الوساوس القهرية، وهي يمكن علاجها، وتوجد الحمد لله الآن مجموعة جيدة وفعالة من الأدوية التي تعالج هذه الوساوس، ومن أفضلها العقار الذي يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة 20 مليجراما في اليوم، ويفضل أن تتناول الدواء بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك أرجو أن ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وتستمر عليها لمدة سبعة أشهر متواصلة.

ولابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الدواء في وقته المحدد وباستمرارية؛ لأن هذه الأدوية تعتمد على البناء الكيمائي من أجل فاعليتها، وبعد انقضاء فترة السبعة أشهر، أرجو أن تخفف العلاج إلى كبسولة واحدة لمدة شهرين، ثم إلى كبسولة واحدة كل يومين لمدة شهر آخر، وتكون بعد ذلك انتهت مدة العلاج الدوائي، وأنا على ثقة كاملة -إن شاء الله- بعد أربعة إلى ستة أسابيع من بداية العلاج، سوف تحس بتحسن كامل.

بجانب العلاج الدوائي، لابد لك أن تحقر هذه الوساوس وألا تتبعها مطلقا؛ فأنت حين يأتيك الشك مثلا على أنك أغلقت شيء ما أم لم تغلقه، لا تذهب أبدا، وتكرر الفعل للتأكد من هذا الشك، حاول أن تقاوم مهما أصبت من قلق وتوتر في عدم اتباع الوساوس؛ أرجو أن تقاوم وتستمر على هذه المقاومة؛ لأن القلق والتوتر سوف يضعف ويتلاشى إن شاء الله بعد مدة قصيرة من الزمن.

إذن يجب ألا نتبع الوساوس، يجب أن تحقرها، ويحبذ أيضا أن تستبدل الفكرة أو الفعل الوسواسي بعمل مخالف له تماما، هذا أيضا إن شاء الله يضعف هذه الوساوس.

وعليك يا أخي أيضا أن تعيد الثقة بنفسك، وأن تنظم وقتك، وأن تمارس الرياضة –أي نوع من الرياضة– خاصة رياضة المشي، لأنها تزيل القلق وتحسن التركيز بالتأكيد.

كما أني أنصحك بأن تقرأ مواضيع قصيرة وتكرر الموضوع، أي لا تقرأ المواضيع الطويلة، اقرأ القصيرة في الأول ثم كررها؛ لأن ذلك ينشط الذاكرة، كما أن تناول الحليب الدافئ ليلا إن شاء الله يساعد أيضا في مثل هذه الحالات.

والبروزاك الذي وصفته لك أولا بجانب أنه يعالج الوساوس القهرية، فهو أيضا علاج جيد لأي قلق أو اكتئاب مصاحب، وقد ذكر أيضا أنه يؤدي إلى تحسين الذاكرة، وإن كنت قد قلت لك أنك لا تعاني من خلل حقيقي في الذاكرة، إنما هي الوساوس والقلق التي أدت إلى تشتت الأفكار وفقدان القدرة على التركيز.

وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات