الوساوس القهرية الفعلية .. التشخيص والعلاج

0 279

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم جزيل الشكر على الإجابة على هذه الاستشارات.
أما مشكلتي فهي أنني في السنة الماضية بدأت أحب أن أرتب أغراضي، وبعد فترة تطورت حالتي، وأصبحت أرتبها بإمعان النظر فيها، وكنت مسجلا في معهد للبكالورا، وخرجت منه؛ لأن حالتي تدهورت كثيرا، وصرت في المعهد أعاني من كثرة الإمعان في اللوح.

وبعد أن بدأت المدارس لم أبدأ الدراسة، وأهلي لم يعجبهم ذلك،؛ فكانوا يغضبون علي، لأني لا أدرس، إلى أن لاحظ أهلي ذلك، وقال لي أبي: أننا سنذهب في اليوم التالي إلى طبيب نفسي، فشرحت له حالتي، فقال لي أنه اكتئاب، وأعطاني دواء هو بروزاك لمدة 15 يوما، ثم قال لي أن أرجع إليه، وقال لي: هل هناك تحسن؟ فأجبته بنعم، ثم وصف لي دواء هو كلوميفرانيل 25 وإلى الآن أنا أتناوله بمقدار 3 حبات كل يوم، أول ما تناولت الدواء تحسنت، وبعدها لم أعد أستفيد شيئا.

والآن تراجعت حالتي، وأمي لاحظت هذا الشيء، فأنا الآن أعاني من ضيق، ووجع في الرأس، وكثرة الخوف، فأصبحت أتهيأ أشياء غريبة، فكلما نظرت إلى بناء أحس بأنه سيقع، وأمعن النظر فيه، وكلما أمسكت شيئا أمسه ولا أتركه حتى آخذ نفسا عميقا، وأنا الآن طالب ثانوية عامة، وتركت الدراسة.

وقد ذهبت لعدة شيوخ ولم أستفد شيئا! فما هو الحل برأيكم؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه الحالة التي تعاني منها حقيقة هي واحدة من الوساوس القهرية العملية أو الفعلية، والخوف من أن المبنى سينهار، أو النظر بتمعن ولمدة طويلة للألواح، ما هو إلا نوع مما يعرف بالطقوس الوسواسية، وهي لابد أن تكون قد ارتبطت بشيء ما في داخل نفسك، وأنت تعزوها -أو بدايتها-؛ بأن بدأت بالترتيب لأغراضك، ويعرف تماما أن شدة التنظيم والدقة في الترتيب هي من بدايات الوساوس القهرية لدى بعض الناس، خاصة أنك تعيش الآن في مرحلة اليفاعة، وهي بالطبع من الحلقات الضعيفة في عمر الإنسان، والتي ربما يحدث فيها الوساوس القهرية.

مع احترامي الشديد للطبيب الذي قال أنك تعاني من اكتئاب، أنا لا أعتقد أن الاكتئاب هو مشكلتك الأولى، إنما المشكلة هي الوساوس القهرية، وربما يكون هنالك نوع من الاكتئاب الثانوي، ولكن بالطبع ليس اكتئابا أساسيا.

العلاج الدوائي بالطبع يفيد في هذه الحالة، ولكن الذي أود وأريدك أن تركز عليه أكثر هو العلاج السلوكي، فالوساوس دائما تعالج بأفكار أو أفعال مضادة، والإنسان حين لا يتبع وساوسه يشعر بكثير من القلق والتوتر، ولكن بالاستمرار في المقاومة وعدم الاستجابة للوسواس، سوف يشعر الإنسان -إن شاء الله- أن هذا القلق والتوتر قد بدأ في التلاشي، ومن ثم يكون الإنسان قد تخلص من الفعل أو الفكرة أو الطقوس الوساوسية، كما هو في حالتك.

فالوساوس الأساسية التي لديك وهي كثرة الإمعان في اللوح، والوسواس الثاني إذا نظرت إلى البناء تحس بأنه سيقع، بالنسبة للإمعان في اللوح، تصور أنك إذا نظرت إلى لوح مثلا أنك تقرأ شيئا، وإذا كانت مدة الإمعان عشر دقائق أو ربع ساعة، حاول أن تقللها إلى خمس دقائق ثم إلى أربع دقائق، وهكذا بالتدريج؛ بمعنى أن تربط فكرة الإمعان في اللوح بشيء مفيد تقوم به، وفي هذه الحالة هي قراءة ما في اللوح، ثم بعد ذلك تبدأ في تقليل زمن الإمعان بالتدرج.

أما في حالة أن البناء سوف يقع؛ فعليك أن تفكر في فكرة أخرى، وتقول أن هذا البناء عظيم وهو إن شاء الله شيء من عمارة الأرض وأنه لن يقع، لماذا أنا أفكر هذه الفكرة السخيفة؟ هذه فكرة غير منطقية، قل هذا مع نفسك، فهذه أفكار مضادة وفي نفس الوقت حاول أن تحقر الفكرة الأساسية وهي الفكرة الوسواسية.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت بدأت بالبروزاك، بدأت بالعقار الذي يعرف باسم بروزاك وقد تحسنت حالتك، والبروزاك يعتبر من الأدوية الفعالة والممتازة جدا، ثم بعد ذلك ذكرت أن الطبيب قد أعطاك العلاج الذي يعرف باسم كلوميبرانيل، والذي يعرف تجاريا باسم أنفرانيل (Anafranil)، وهذا أيضا من الأدوية الفعالة ولكن يحتاج إلى جرعة كبيرة، كما أنه ربما يسبب بعض الأعراض الجانبية مثل الجفاف في الفم والشعور بالتكاسل والإمساك.

أنا لا أعرف هل أنت تتناول البروزاك مع الأنفرانيل، أم أنك قد أوقفت البروزاك، على العموم العلاج المثالي لازال هو البروزاك وهو الأفضل؛ لأنه أسلم ولا يسبب أعراضا جانبية كثيرة، ولكن الذي تحتاجه هو جرعة كبسولتين في اليوم من البروزاك، فوجهة نظري عليك أن تتوقف الكوميبرانيل أو العقار أنفرانيل وتبدأ في تناول البروزاك مرة أخرى، تناول كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع هذه الجرعة إلى كبسولتين في اليوم بعد الأكل أيضا، واستمر على هذه الجرعة، وهي جرعة علاجية ممتازة، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفف الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن العلاج.
والذي أود أن أضيفه هو: أن البروزاك بجانب أنه يعالج الوساوس القهرية، فإنه أيضا دواء فعال لعلاج الاكتئاب، وكما ذكرت لك ففي حالتك الاكتئاب يعتبر شيئا ثانويا، أما الأساس فهو الوسواس القهري.

بجانب الإرشاد النفسي السابق والعلاج الدوائي، لابد لك أيضا أن تكون إيجابيا في تفكيرك، وأن تنظم وقتك بصورة ممتازة، وأن تركز على الدراسة، ويجب أن تعلم أن التعليم يعتبر أمرا أساسيا، وسلاح العلم إن شاء الله يعطي الإنسان الفرص الجيدة في الحياة، من ناحية المركز الاجتماعي والعلمي والعملي.

وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات