أحاول الاستفادة من وقتي لكني لم أستطع الدراسة!

0 47

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أريد أن أقول: جزاكم الله خيرا على موقعكم، وعلى مساعدتكم للناس.

أنا طالب في السنة الثانية من مرحلة التعليم الثانوي في ليبيا، و-الحمد لله رب العالمين- أنعم الله علي في دراستي، ووفقني فيها حيث إني كل سنة أنجح وأكون الأول على مدرستي، وفي الصف التاسع نجحت بنسبة 98.8 وكنت من الأوائل على ليبيا.

في الصيف قبل هذه السنة اتخذت قرارا بأني لن أضيع أي وقت بعد الآن، حيث كنت ألعب ألعاب الفيديو، وأشاهد الكرتونات، وأضيع عليها الكثير من الوقت، وفي ذلك الصيف -أي قبل ثلاثة أشهر- تركت كل ذلك، وقررت أن أركز فيما ينفعني، ودخلت في مركز لتحفيظ القرآن الكريم في بداية السنة الثانية من التعليم الثانوي.

السنوات الماضية كنت أنكد على نفسي كثيرا، وعندما أخطئ في امتحان وتنقصني درجة أو اثنتان أسخط كثيرا، ولا أعلم هل هذا يعد من السخط على قضاء الله، أو لا؟ لكني قررت أن لا أفعله مجددا، وكنت أنكد على والدي حيث إنني ولد وحيد بدون إخوة، وكانوا يدعمونني، لكني كنت أصر أن أنكد عليهم.

مشكلتي هي أنني في عمري هذا لست جيدا إلا في الدراسة في المدرسة، والمنهج الليبي يعد أقل من مناهج الدول المسلمة الشقيقة مثل: مصر أو غيرها، فأقول لنفسي: مهما فعلت لن تكون مثل طالب مصري، أو طالب أجنبي، وهذا يدمرني فعلا، حيث إن علماء الإسلام في عمري كانوا حافظين للقرآن الكريم، وحافظين لتفسيره، وللكثير من العلوم، وأنا جيد في شيء لكن ليس تماما.

صرت أحاول أن أستفيد من كل لحظة في وقتي، وأحاول أن لا أكلم الناس، لكني أظن أني فشلت، وصرت لا أستطيع أن أدرس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –ولدنا الحبيب– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والهداية والصلاح، ونهنئك بما من الله تعالى به عليك من علو الهمة والحرص على تحصيل العلوم والتفوق فيها، وهذا فضل من الله تعالى عظيم ينبغي أن تشكره، ومن مظاهر شكره أن توظف ما أعطاك الله تعالى من القدرات في تحصيل العلوم النافعة التي تنفع بها نفسك وأمتك.

وما تفعله –أيها الحبيب– من الحرص على اغتنام كل الأوقات وملء الفراغات بما يعود عليك بالنفع؛ سلوك حسن، وهو مظهر من مظاهر علو الهمة، ولكن ينبغي أن تدرك تمام الإدراك أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان وركب فيه رغبات مختلفة، والنفس بحاجة إلى حسن تدبير وحسن إدارة، وهو ما يسمى بـ (سياسة النفس)، بأن يغتنم الإنسان أوقات إقبالها ورغبتها، فيشتغل بما يفيد وينفع.

وأن يقدر الأوقات التي يحصل فيها نوع من السآمة والملل، فيعطي النفس حظها من المهلة والراحة، والعاقل من يركب للنفس تركيبة دوائية مركبة من هذا وهذا، فيجد في وقت الجد، ويستريح في وقت الراحة، ويحاول أن يكون اشتغاله في وقت الجد بالشيء النافع، ويشتغل بالأهم فالأهم.

وما دمت قد وفقت بالتفوق في الدراسة في هذه المرحلة فهذه هي المرحلة العمرية التي تعيشها أنت، وهذا هو الإنجاز الذي ينبغي أن يكون في حياتك الآن، وهو الاهتمام بدراستك والتفوق فيها لتتأهل للدخول في دراسات أعلى منها مفيدة ملائمة لك، فلا تستهن بهذا الإنجاز، ولا تراه شيئا يسيرا، بل هو شيء كبير، ولكن إذا كانت قدراتك العلمية تفوق هذا المقرر، فإنه يمكنك أن تستغل الأوقات الفاضلة الزائدة في دراسة ما تميل إليه نفسك وترغب فيه من الدراسات، وتبدأ بتأسيس نفسك بطلب العلوم المختلفة المتعلقة بذلك التخصص، وبذلك تسير في خطين متوازيين تنفع نفسك بتخصصك، وتؤسس في دراستك النظامية، وهكذا تتكون الشخصية العلمية، فإن الإنسان يبدأ كما قال الله سبحانه وتعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} [سورة النحل:78].

فإذا هو استغل هذه الأدوات التي جعلها الله تعالى وسائل للعلم، وملأ أوقاته بالبرامج العلمية النافعة، فإنه يصل -بإذن الله تعالى- إلى أعلى درجات التخصص وحفظ العلوم.

ننصحك –أيها الحبيب– بأن تكثر من التعرف على أهل العلم في بلدك، ولا سيما علماء الشريعة، فإنهم سيتولون رعايتك وتوجيهك بما يفيدك -إن شاء الله تعالى- في تحصيل العلوم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك ويأخذ بيدك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات