السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لطالما لم يكن ببالي هدف محدد، وكنت أقول: لا تسألوني إن كنت سأدخل مساقا علميا أو أدبيا إلا بعد إنهائي للصف العاشر، ولا تسألوني ماذا سأدرس بالجامعة إلا بعد إنهائي للصف الثاني عشر، ولكن بعد دخول للصف الحادي عشر (المساق العلمي)، بدأت أسألهم وطلبت منهم إرشادي، ماذا أدرس؟
أريد عملا ودراسة لا تعيق لبس الحجاب الشرعي، ولا أريد اختلاطا كثيرا مع الرجال، ولا أهوى العمل لتلك الدرجة، ولكني قد أعمل من أجل أمي وأبي، فأنا ولدت بعد 8 سنوات من الأخت التي تكبرني مباشرة، وأخواتي وإخواني الذين يكبرونني قد تزوجوا، إلا اثنتين، إحداهن خطبت، والثانية على أبواب الخطبة، وسيكون لكل منهما عائلة ومسؤوليات خاصة، لذا الحمل سيكون علي، لكني حقا لا أهوى العمل لتلك الدرجة، وأتمنى الزوج الصالح القريب، ولو وجدت عملا من البيت لكان أفضل.
أهلي يقترحون علي دراسة الإنجليزية، وبعد دخول العلمي يستبعد ذلك مني، ولا أريد أن أصبح معلمة، واقترحوا علي البرمجة، لكنها صعبة، وقد تؤدي بي لحالة نفسية؛ لأنني أتوتر، والبرمجة وسط ملائم جدا لنمو التوتر وتفاقمه، وأنا لدي هواية التصميم الجرافيكي، لكنهم لا يشجعونني على ذلك، خاصة بعد تخصصي في القسم العلمي.
جاء في بالي الطب النسائي، أبتغي بذلك أجر مساعدة النساء؛ لأنهن يحتجن طبيبات نساء بهذا المجال، لكني لا أريد الدراسة فوق 4 سنوات، وأفكر بالتمريض كقابلة، لكن أهلي لا يشجعونني على ذلك؛ لأن أختي بالفعل ممرضة قابلة، وتعاني جدا، ولا أريد التمريض الذي سأختلط فيه كثيرا بالرجال، فأنا في حيرة، ماذا سأدرس؟!
أضع لنفسي شروطا، لكن يصعب علي اختيار تخصص يناسب تلك الشروط ويناسبني، ويناسب هواياتي، وشخصيتي.
أرجو اقتراح بعض التخصصات الملائمة لشروطي، لعلي أجد ما يناسبني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الرائع أن تفكري في مستقبلك الدراسي والمهني بعناية وتأن، مع الأخذ بعين الاعتبار قيمك وأولوياتك.
أقترح عليك بعض التخصصات التي قد تلائم توجهك، والمحافظة على الخصوصية وعدم الاختلاط:
1. يمكن أن تكون دراسة اللغات والترجمة خيارا ممتازا، خاصة إذا كنت تميلين إلى اللغة الإنجليزية، العمل كمترجمة يمكن أن يكون من المنزل ولا يتطلب الكثير من الاختلاط.
2. نظرا لاهتمامك بالتصميم الجرافيكي، قد تجدين العمل في مجال التسويق الرقمي، وإدارة الإعلام الاجتماعي ممتعا ومجزيا، هذا المجال يتيح العمل من المنزل أو بشكل حر.
3. إذا كان لديك اهتمام بالصحة وتحبين مساعدة الناس، فقد يكون تخصص التغذية خيارا جيدا، يمكنك العمل في عيادات أو مراكز صحية متخصصة للنساء.
4. إذا كانت لديك مهارة في الكتابة، فقد تجدين العمل في مجال الكتابة والصحافة مناسبا، يمكن أن يكون العمل في هذا المجال مرنا ويتم بشكل كبير عبر الإنترنت.
5. دراسة إدارة الأعمال قد تعطيك مجموعة واسعة من الخيارات المهنية، بما في ذلك إمكانية إنشاء مشروعك الخاص يوما ما.
6. إذا كنت تميلين إلى الإبداع والفن، قد يكون التصميم الداخلي مهنة ملائمة، يمكن لهذا المجال أن يوفر لك مجالا للإبداع مع الحفاظ على خصوصيتك وعدم الاختلاط كثيرا.
7. بما أن التعليم عن بعد أصبح شائعا، يمكنك التفكير في التدريس عبر الإنترنت، خاصة في مواد تحبينها أو تتقنينها، سواء كانت مواد علمية أو أدبية، أو مواد تتعلق بالدين وتعليم القرآن الكريم.
تذكري أن الأهم في اختيار التخصص هو مدى شعورك بالراحة والشغف تجاهه.
وتذكري أن رغبتك في التخصص ورغبة أهلك يتطلبان التفاهم والتواصل الفعال، وإليك بعض النصائح لتحقيق هذا التوازن:
1. تحدثي مع أهلك بصراحة ووضوح عن اهتماماتك وتفضيلاتك، اشرحي لهم الأسباب التي تجعلك تميلين إلى تخصص معين.
2. استمعي إلى مخاوف وتطلعات أهلك بانفتاح، حاولي فهم أسباب رغبتهم في اختيارك لتخصص معين.
3. قومي بإجراء بحث شامل حول التخصصات المحتملة ومستقبلها المهني، يمكنك عرض هذه المعلومات على أهلك لمساعدتهم على فهم وجهة نظرك.
4. ابحثي عن تخصصات تجمع بين اهتماماتك وتطلعات أهلك، على سبيل المثال إذا كانوا يرغبون في أن تكوني معلمة، يمكنك التفكير في تخصص يسمح لك بالتدريس في مجال تحبينه.
5. التحدث مع مرشدين أكاديميين أو مهنيين، يمكن أن يقدموا لك ولأهلك منظورا أوسع حول مختلف التخصصات وفرصها المهنية، يمكنك استشارة بعض المعلمات في المدرسة على سبيل المثال.
6. اجعلي أهلك جزءا من عملية القرار، قد يكون من المفيد مناقشة الخيارات معهم وأخذ آرائهم بعين الاعتبار.
7. يمكن أن يكون الوصول إلى توافق مع أهلك عملية تستغرق وقتا وتحتاج إلى صبر، كوني مرنة ومستعدة للتفاوض والتكيف.
تذكري أن الهدف هو الوصول إلى قرار يرضيك ويحظى بدعم أهلك، مما يساهم في نجاحك الأكاديمي والمهني في المستقبل، وتذكري أن أهلك يحبونك وحريصون على مستقبلك أيضا.
أخيرا: بعد استشارة المخلوقين، عليك بطلب الخيرة من الخالق -جل وعلا-، وذلك عبر صلاة الاستخارة، وقد ورد ذكرها وطريقة أدائها في الحديث الآتي الذي رواه الإمام البخاري، عن جابر -رضي الله عنه-، ولفظه: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته فيقول مثلا هذا السفر أو دراسة التخصص المعين..) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري؛ فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (السفر أو الدراسة) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري؛ فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)، إلى هنا انتهى دعاء الاستخارة.
ويمضي المسلم في حاجته، فإن كانت خيرا له فسييسرها الله تعالى له، وإن كانت غير ذلك فسيصرفها الله تعالى عنه ويصرفه عنها.
نسأل الله لك التوفيق والسداد في دراستك وحياتك.