السؤال
السلام عليكم.
أنا طبيب، أبلغ من العمر 31 سنة، متزوج منذ 7 شهور فقط، عندما خطبت زوجتي كنت سعيدا وفرحا بها، ولكن كانت المواصفات الجسدية تشغل الحيز الأكبر في تفكيري، واختياري لشريكة حياتي، كان يشغل تفكيري الطول، والشكل، والجمال ...إلخ، من المواصفات الجسدية، كنت سعيدا بها جدا أثناء الخطبة، وكانت هي طيبة، وهادئة، ولطيفة جدا.
منذ أن تزوجتها -منذ 7 أشهر- اكتشفت بأني لا أشعر برغبة تجاهها بشكلها الطبيعي (بدون مكياج)، وأن المكياج يرغبني فيها، ولا أرغب بها بدونه، وكل شيء جميل بالكوافير، والمبيضات، والمرطبات، لا شيء طبيعي!
اكتشفت بعد الزواج بأنها فارغة، سطحية، وليس لديها ثقة في النفس، ولكنها طيبة، ومحترمة، ومتدينة، وعلى خلق، ولا تترك فرضا، ولكني شعرت بأني فقدت الرغبة بها؛ لأن كل ذلك الجمال اصطناعي وليس ربانيا.
لقد شعرت بما يجول بخاطري، ومنذ ذلك الحين دبت مشاكل كثيرة بيني وبينها، ولكن اختياري أنا كان مبنيا على خطأ من البداية، وهو تركيزي عند الاختيار على المواصفات الجسدية، وتركت العقل، والفكر، والشخصية، وأصبحت أراها بأنها لا شكل، ولا عقل، ولا أي شيء، ولا أشعر أنها ذات قيمة كبيرة في حياتي.
لا أدري كيف أتعامل مع الأمر؟ فهناك صراع نفسي يجول في داخلي، وأخاف على مستقبلها أن يتأثر إن طلقتها، علما بأنها تريد الانفصال بسبب أنها تشعر بما يجول بداخلي -سبحان الله-.
أشعر بتأنيب الضمير كثيرا من أن اختياري من البداية لم يكن موفقا، وكان يجب أن أحسن الاختيار لشريكة الحياة، وأنا أسعى للسلام النفسي الداخلي في حل ذلك الأمر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –أيها الابن الكريم– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونحب أن نبين لك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطانا معيارا: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر) فعليك أن تدرك أننا كبشر -رجالا ونساء- أن النقص يطاردنا، ولن تجد المرأة رجلا بلا نقائص، ولن يجد الرجل امرأة بلا عيوب، فكلنا بشر، ولكن طوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته و(إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث).
وعليه: أرجو عدم الاستعجال في أمر الطلاق، وليس لك أن تشعرها بالنقائص التي فيها، ولكن من المهم أن تركز على الجوانب الإيجابية الموجودة فيها، وهي تركز على الجوانب الإيجابية الموجودة عندك، وعليك أن تدرك أن الكمال محال، وأن الواقعية مطلوبة، وأن الإنسان مهما تزوج من النساء فسيجد إيجابيات وسلبيات، وكذلك المرأة ستجد في رجلها إيجابيات وسلبيات.
ولذلك ننصحك بما يلي:
أولا: حشد النقاط الإيجابية، فقد ذكرت بأنها: طيبة، ومصلية، ومحترمة، ومهذبة، هذه صفات عالية جدا وغالية جدا، ثم ذكرت بأنها حريصة على أن تسعدك، فلا تعط للشيطان فرصة؛ فهذه المؤهلات التي أشرت إليها عالية وغالية، ولذلك لا نريد منك أن تظلمها، وتعوذ بالله من التفكير بطريقة سلبية، واعلم أن الشيطان هو الذي يغرس العداوة والبغضاء.
ولذلك قال ابن مسعود لمن طلب نصحه، وقال له: تزوجت امرأة وأخشى أن أبغضها؛ فعظني، قال له: إن الحب من الرحمن، وما عند الله من خير وتوفيق لا ينال إلا بطاعته؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، وهو القائل: {وجعل بينكم مودة ورحمة}.
لذلك استعينوا بالرحمن، واذكروا الله، وتوجهوا إليه -سبحانه- ليملأ قلوبكم بالحب، والخير، والإيمان (إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم)، فانتبه لكيد الشيطان، ولخطة الشيطان؛ فالإنسان قد يتزوج الفتاة وهو يراها أجمل امرأة، وإذا دخل بها جاء الشيطان فزين له المتبرجات؛ لأن الشيطان يستشرف المرأة.
عليك أن تعلم أن المتبرجة قبيحة، لكن الشيطان يزينها ويستشرفها، وهي أيضا لا تظهر إلا أجمل ما فيها، وهنالك أمر مهم ينبغي أن تنتبه إليه وهو: أن معظم الجمال الذي تراه في هذا العالم، سواء في الطرقات أو الأسواق أو في أجهزة الإعلام، هو جمال اصطناعي كذلك وليس حقيقيا، ويتم صناعته بأدوات التجميل، وزوجتك -حفظها الله- قد تكون أكثر جمالا منهن، ولكن لأنك رأيتها بلا زينة وقر في نفسك أنها ليست بجميلة. أرجو أن تنتبه أن مما يعينك على معرفة جمال الزوجة أن تغض بصرك، وأن تحرص على أن تجعلها المرأة الوحيدة في حياتك، وأن تتقي الله تبارك وتعالى فيها، وأن تعلم أن جمال الجسد عمره محدود، وجمال الروح بلا حدود، وأنت -ولله الحمد- شهدت بأنها تكون جميلة بالمكياج وبالزينة، والمرأة ينبغي أن تتزين لزوجها، وكذلك الزوج ينبغي أن يهتم بهذا الجانب.
لذلك أرجو ألا تستمر مع المشاعر السالبة، وأن تعطي نفسك فرصة، وحبذا لو جعلتها أيضا تتواصل مع الموقع حتى تسمع النصائح، ونقترح عليكما كتابة استشارة مشتركة حتى نتحاور معكما، ومن حقكم أن تطلبوا حجبها، وسنبين لها ما ينبغي أن تقوم به، ونبين لك ما ينبغي أن تفعله مع هذه الزوجة، حتى لا تظلم نفسك أو تظلمها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لكم الخير، ثم يرضيكم به.
هذا، وبالله التوفيق.