السؤال
السلام عليكم
منذ أن دخلت كلية الطب قبل عام والهموم لا تنقطع، لا أدرس جيدا، ولا أجد حافزا لذلك، ولو قيل لي بأن التعليم والطب أفضل العلوم التي للمرأة أن تتعلمها، فأنا أعلم أن تنظيمي لوقتي رديء، وبالطبع إن أردت العمل والزواج معا، فهذا يستحيل، وأنا أيضا لا أفضل ثقافة المرأة العاملة عموما، وأرى أخواتي كيف يشقين في عملهن ويستعبدن، وأرى أثر ذلك على أنوثتهن أيضا، ولا أريد ذلك لنفسي، كما أن الرجال ينفرون من الزواج بالطبيبة.
أنا لا أريد العمل، ولا أستطيع الدراسة أيضا، المواد ليست هي الصعبة، بل فكرة تنظيم الوقت التي أعاني منها طول حياتي، إما ألتهي مع أهلي أو أن أدرس، وإن درست فلن تتجاوز دراستي الساعات القليلة، وأنا بهذا لا أمثل طلاب الطب أبدا، وعلاماتي متدنية وبصعوبة أنجح، وأيضا رسبت وأعدت مواد الفصل الذي سبق، ويعيرني أخواتي برسوبي وأسمعهن يتهامسن به عندما أكون نائمة.
أيضا ما إن أعلم أن امتحاناتي اقتربت إلا وأنام ساعات طويلة جدا، ولا أستيقظ إلا لصلاة الفجر، وأعود للنوم للظهر، أنا أحببت الطب رغم التجربة المريرة، لكني أظن أنني لا أقدر عليه، وأهلي مصرون عليه؛ لأن لي أقارب يدرسونه وبتقدير عال، وجميع أقاربي ينتظرون إخفاقي رغم أنني الوحيدة التي حصلت على معدل عال جدا في الثانوية بينهم.
كلامي غير مرتب لكن هذا ما لدي، وأيضا ليس هنالك تخصص معين يشغل ذهني، ففي حال استطعت النفاذ من الطب، لا أفكر بأي شيء آخر، فأنا أحب الجلوس في البيت، وأن أتعلم ما ينفعني فقط في تربية أبنائي مستقبلا، وأريد أيضا تعلم الطبخ.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا، أريد أن أؤكد لك أن مشاعرك وتجاربك مهمة ومشروعة، وأنه من الطبيعي أن تواجهي تحديات وشكوك خلال مسيرتك الأكاديمية والمهنية.
إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في التفكير بوضوح أكبر حول مستقبلك الأكاديمي والمهني:
1. فكري بعمق في سبب اختيارك لدراسة الطب، هل كان ذلك بناء على رغبتك الشخصية أم تأثرت بتوقعات الآخرين؟ هل هناك جوانب في الطب تثير اهتمامك حقا؟
2. إذا كنت تشعرين بأن الطب ليس المسار المناسب لك، ففكري في مجالات أخرى قد تهمك، لا يعني ترك الطب فشلا، بل قد يكون خطوة نحو اكتشاف شغفك الحقيقي.
3. يمكن أن يكون الضغط من الأسرة والمجتمع كبيرا، ولكن من المهم أن تتخذي قراراتك بناء على ما تشعرين أنه الأفضل لك.
4. قد تجدين فائدة في التحدث إلى مستشار أكاديمي في الجامعة، أو مستشار مهني، يمكن لهذا الدعم أن يساعدك في التعامل مع الضغوط وفهم نفسك بشكل أفضل.
5. تنظيم الوقت، وإيجاد توازن بين الدراسة والراحة أمر مهم. يمكن لتقنيات إدارة الوقت والتخطيط الجيد أن تساعد في ذلك.
6. لا بأس في الشعور بالرغبة في قضاء وقت في المنزل وتعلم مهارات مثل الطبخ. هذه الهوايات والمهارات الحياتية مهمة وقيمة.
7. فكري فيما تريدين تحقيقه على المدى الطويل، هل هناك مهنة معينة ترغبين في اتباعها؟ كيف يمكن أن توازني بين حياتك المهنية والشخصية؟
8. أحيانا، يكون اتخاذ القرار الصعب ضروريا للنمو الشخصي والعثور على السعادة والرضا.
ثانيا: إليك بعض النصائح المتعلقة بمستقبلك الحقيقي في الآخرة، ونعني بذلك تقوية علاقتك بالله تعالى، حيث إن تقوية العلاقة مع الله تعالى هي عملية روحانية عميقة وشخصية. إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في هذا السعي:
1. المحافظة على الصلوات الخمس، فالصلاة هي الركن الأساسي في الإسلام ووسيلة للتقرب من الله، حاولي أن تكوني مواظبة على أداء الصلوات في أوقاتها،﴿وٱسۡتعینوا۟ بٱلصبۡر وٱلصلوٰةۚ وإنها لكبیرة إلا على ٱلۡخـٰشعین﴾ [البقرة ٤٥].
2. القرآن هو كلام الله، وفيه الكثير من الهداية والراحة الروحية، خصصي وقتا يوميا لقراءة القرآن وتدبر معانيه، ولو صفحة واحدة من المصحف.
3. الدعاء هو وسيلة للتحدث مع الله، وطلب العون والهداية، كذلك يساعد الذكر على تذكر الله في كل الأوقات: ﴿وقال ربكم ٱدۡعونیۤ أسۡتجبۡ لكمۡۚ إن ٱلذین یسۡتكۡبرون عنۡ عبادتی سیدۡخلون جهنم داخرین﴾ [غافر ٦٠].
4. سعيك في زيادة معرفتك بالدين يمكن أن يساعد في تعميق فهمك وتقوية علاقتك بالله، يمكنك القيام بذلك من خلال قراءة الكتب الإسلامية، حضور الدروس الدينية، أو الاستماع إلى المحاضرات.
5. التأمل في خلق الله ونعمه يمكن أن يقوي الإيمان والشعور بالقرب من الخالق.
6. الاعتراف بالأخطاء، وطلب الغفران من الله والتوبة يساعد على تنقية القلب وتجديد النية.
7. الإسهام في المجتمع، ومساعدة الآخرين هي أفعال يحبها الله، وتزيد من الإحساس بالرضا والقرب منه.
8. محاولة البقاء في بيئة وبصحبة أشخاص يشجعون على الأفعال الصالحة، ويذكرونك بالله.
9. حاولي إيجاد التوازن بين واجباتك الدينية، الدراسية، الشخصية، والاجتماعية.
10. في أوقات الشدة والضيق حافظي على الصبر والثقة بأن الله لن يكلف نفسا إلا وسعها، وتذكري أن بعد العسر يسرا، وأن الله تعالى قريب منك.
وتذكري أن العلاقة مع الله تعالى هي رحلة مستمرة وشخصية، وأن كل خطوة تخطينها نحو تعزيز هذه العلاقة هي خطوة قيمة.
أخيرا: قرارك يجب أن يركز على ما يجعلك سعيدة ومرتاحة في حياتك، لا يوجد قرار صحيح أو خاطئ مطلقا، بل ما يناسبك ويتوافق مع قيمك وأهدافك الشخصية.
وفقك الله.