السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي والدي -رحمه الله- منذ ثلاثة أشهر، وأقارب والدي أولاد الأعمام والعمات لا يتواصلون معي، فقط ثلاثة من أعمامي يتواصلون معي، وفي الأعياد أبادر بتهنئتهم وهم لا يفعلون ذلك، فهل تصرفهم قطع لصلة الرحم؟ وهل هذا الشيء عادي؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
صلة الرحم من أفضل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، كما أن قطعها من كبائر الذنوب، وقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلة الرحم بأساليب عديدة، ومنها ذكر الثواب المترتب عليها في عاجل دنيا الإنسان قبل آخرته، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه)، فصلة الرحم سبب لبسط الرزق وكثرته والبركة فيه، كما أنه سبب في البركة في العمر، والله سبحانه وتعالى يعامل الواصل بمثل عمله، فمن وصل رحمه وصله الله.
ولكن الرحم المتحدث عنها في هذه الأحاديث وغيرها من النصوص الشرعية كثير من العلماء وأكثرهم يرون أنها تعني الأقارب المحارم، بحيث لو قدر أحد الشخصين رجلا والآخر أنثى لم يكن الزواج بينهما جائزا، فأعمامك مثلا من ذوي الأرحام الذين تجب صلتهم؛ لأن العم لو قدر أنه أنثى ما جاز أن يتزوجه، فإنه سيصبح عمة، وهكذا الخال.
أما أولاد الأعمام فإنهم ليسوا من الأرحام المقصودين في هذه النصوص، لأن الشخص يجوز له أن يتزوج بنت عمه، وكذلك أولاد الخال.
وبهذا تعرف الحد الذي يفرق به بين قطع الرحم المذموم وقطع الرحم غير المحرم، ومع هذا يبقى لمطلق القرابة ما ينبغي أن يعتنى به ويميز عن غيره، فإن صلة الرحم بمعناها العام تشمل كل مسلم، وللمسلم على المسلم حقوق ينبغي الاعتناء والاهتمام بها، منها: إذا لقيه أن يسلم عليه، وإذا مرض عاده، وإذا مات اتبع جنازته، ونحو ذلك، وإذا كانوا جيران فإنهم يزيدون على هذه الحقوق بحقوق الجوار.
ونحن نصيحتنا لك: أن تجتهد أنت في وصل أقاربك، وأن تحسن التواصل بهم ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، ولو كانوا من الأرحام الذين يجب عليهم وصلك وقطعوك، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لرجل قال له -أي الرجل يقول لرسول الله-: (يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي)، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل) أي: فكأنك تطعمهم الرماد الحار، أي أنهم هم الذين سيتألمون ويتعذبون بسلوكهم هذا، (فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).
نسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق والسداد.