السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة، وأعيش وحيدا في أوروبا، أرغب في الزواج من فتاة أحبها ومعجب بها، وهي فتاة على دين وخلق وكذلك أسرتها، وعائلتها أناس طيبون، وعند السؤال عن الفتاة لم نجد إلا الخير.
في البداية ذهب أهلي إلى بيت الفتاة ورحب أهل الفتاة بهم، وبعد الخطبة رفض أهلي الفتاة ويرغبون في فسخ الخطبة لأسباب سطحية، مثلا: أصل الفتاة من مدينة ونحن من مدينة أخرى، وكل الناس التي ترجع أصولهم لتلك المدينة سيئون، وعمر الفتاة مثل عمري، وأنها نحيفة، ويريدونني أن أختار بينهم وبينها.
أحب الفتاة جدا، ومتأكد أنها مناسبة لي، كما أنني أخشى من الوقوع في الحرام، وأريد الزواج لأعف نفسي، لكنهم يقولون: ما زلت صغيرا على الزواج، ويتهمون الفتاة أنها قامت بسحري، وعندما رفضت التخلي عنها خاصمني أهلي، ناهيك عن السب والشتم لي وللفتاة، رغم محاولاتي لإصلاحهم، ووضحت لهم رأي الدين والفتوى في حقي في اختيار الزوجة التي أريدها، وأني لست صغيرا على الزواج، لكن بلا فائدة.
أرجو منكم مساعدتي بتوجيه الكلام والفتوى لأمي وأبي، ونصحي ماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرزقك الزوجة الصالحة التي تقر بها عينك وتسكن إليها نفسك.
ونحن نصيحتنا لك: أن تحرص على إرضاء والديك بقدر استطاعتك، فإذا كانوا يرفضون زواجك بهذه الفتاة ولكنهم لا يمانعون زواجك من غيرها فإن النساء غيرها كثير، فنصيحتنا لك أن تصرف النظر عن هذه الفتاة، وتبحث عن فتاة أخرى مناسبة لك يرتضيها والداك وأسرتك؛ لأن الزواج يقصد به الحياة المستقرة، يكون سكنا للنفس كما أخبر الله تعالى في كتابه، وهذا يعني أن يكون هناك توافق وتواؤم بين أفراد الأسرة.
كما أنه من جهة أخرى يجب عليك أن تطيع والديك؛ فإن ذلك من البر المأمور به، واعلم أن الخير في ما يختاره الله تعالى لك، وربما كان موقف أهلك من هذه الفتاة هو مقتضى مصلحتك وأنت لا تدري بذلك.
وهذا لا يعني أن للوالدين أن يفرضا عليك الزواج بفتاة معينة، ولكن الفقهاء يقولون: إذا منعه أبوه وأمه من الزواج بفتاة معينة فإنه يلزمه طاعتهم للنصوص الكثيرة الآمرة بطاعة الوالدين وبرهما.
أما إذا كنت تخشى على نفسك الوقوع مع هذه الفتاة في الحرام لشدة تعلق قلبك بها؛ ففي هذه الحال يجوز لك أن تتزوجها وإن لم يرض بذلك الوالدان، وينبغي أن تفصح بهذا لوالدك ولأمك، وأن تبين لهما مدى تعلقك بهذه الفتاة، فإنهم -إن شاء الله تعالى- سيعينونك بعد ذلك على البر، بحيث تجمع بين الأمرين جميعا، فتتزوج بالفتاة وتكون مرضيا لوالديك.
أما إذا لم تصل إلى هذا المستوى من التعلق فنصيحتنا لك أن تطيع والديك إذا أصرا على عدم الزواج بها، وسيجعل الله تعالى لك خلفا خيرا منها، فإن الطاعة تجلب للإنسان الخير، والعمل الصالح سبب للأرزاق الحسنة، وصلة الرحم سبب أكيد في زيادة الرزق، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)، وأولى الرحم بالوصل الوالدان، فيرجى لك -إن شاء الله- الرزق الحسن في الزوجة والذرية ونحو ذلك من الأرزاق، بحرصك على بر والديك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.