أنا في بلاء وما زلت مستمرة على الرقية.. فانصحوني!

0 29

السؤال

السلام عليكم.

مررت ببلاء في زواجي، فأنا متعبة جدا منذ ٦ شهور تقريبا، كنت قريبة من الله ولجأت لقيام الليل والتسبيح والدعاء، وقراءة القرآن بكثرة، والصدقات.

نصحتني صديقتي بسورة البقرة فالتزمت بها يوميا -مع أن لي أبناء صغارا- وبالرقية الشرعية، فأنا كل الوقت إما أقرأ القرآن أو أسمعه، أو أشغل تسجيل الدعاء وأنام عليه، وفي حضور القلب أسبح في كل وقت، ولكن لا أشعر بأي تحسن، ولا أرى أي مخرج، أنا عالقة في دوامة وتعبانة جدا.

لدي أطفال ولم تعد لدي الرغبة في أي شيء، وطاقتي ضعيفة، فأنا أتابعهم بأقل القليل، وأشعر أن طاقتي نفدت وانتهت، وأنا كمثل أي شخص يسعى في كل وقت ليحصل على مبتغاه ولا يصل، ومبتغاي بسيط وهو أن يصلح الله لي زوجي لكي لا يخرب بيتي ويتشرد أطفالي، لماذا لا يرفع الله عني البلاء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Razan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يرفع عنك كل سوء، ويكشف عنك كل كرب.

ونود - أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة - أن نبشرك أولا بقرب الفرج -إن شاء الله- فإن الله تعالى يقول: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} [الشرح: 5-6]، وقد جرت حكمته سبحانه وتعالى في خلقه أن البلاء كلما اشتد قرب الخلاص منه بإذنه تعالى، فكوني على ثقة من أن الله - سبحانه وتعالى - أرحم بك من نفسك، ومع هذه الرحمة الواسعة فإنه سبحانه وتعالى قدير على كل شيء، ويعلم ما هو خير لك.

أنت لا تدركين عواقب الأمور، ولا تعرفين ما هو مخبأ لك في مستقبل الأيام، فإن الله -سبحانه وتعالى - يدبر لنا الأمور بلطف وحكمة، وربما أراد الله تعالى أن يبلغ الإنسان مرتبة عالية في الثواب والجزاء في جنات النعيم، لا يبلغ هذا الأجر بعمله فيبتليه سبحانه وتعالى ببعض الأقدار المؤلمة، فعليه أن يصبر ويحتسب أجره عند الله تعالى، وسيصل - بعون الله - إلى الرضا والاطمئنان، ثم بعد ذلك سيصل إلى الثواب الذي أعده الله تعالى لأوليائه.

استمري على الرقية، واقرئي القرآن كثيرا فإن فيه نماذج كثيرة ممن أحبهم الله وقربهم إليه، وهم صفوة الناس وخيارهم وأحب الخلق إلى الله تعالى، الأنبياء والرسل، ومع ذلك تجدين في القرآن قصصا كثيرة من أخبار ما ابتلاهم الله به.

اقرئي قصة أيوب عليه السلام، أصابه الله تعالى بكثير من المصائب في ماله، وفي ولده، وفي جسده، وذهب له كل شيء ولم يبق له إلا اللسان الذي يذكر الله تعالى به، وبقي على ذلك زمنا طويلا وهو يدعو ربه ويبتهل إليه، حتى عافاه الله تعالى من ذلك، كما قال سبحانه وتعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر} [الأنبياء: 83-84]، ولكن هذه الاستجابة لم تكن في زمن قصير، بل بعد بلاء طويل، و(أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل في الأمثل) كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال في الحديث: (يبتلى الناس على قدر دينهم).

ما قدره الله تعالى عليك من الأقدار المؤلمة أو الحرمان من بعض ما تحبين لا يدل أبدا على أن الله -سبحانه وتعالى- لا يريد بك الخير، بل الأمر على خلاف ذلك، أنت صبرت واحتسبت ورضيت بتصرف ربك وتدبيره لك، ومع هذا كله لا بد من الأخذ بالأسباب لدفع هذه المكروهات، وأول هذه الأسباب التوبة النصوح، فلعل الله تعالى ينزل بالإنسان أنواعا من الآلام والمكروهات بسبب ذنوبه، فعليه أن يتوب، ومن هذه الأسباب: الأخذ بالأسباب المباحة للوصول إلى المطلوبات، فيتداوى المريض، ويأكل الجائع، ويشرب الظمآن، ويتزوج من ليس له زوج، ونحو ذلك من الأسباب، وبعد أن يأخذ بالأسباب الممكنة فينبغي له أن يفوض الأمور إلى الله ويرضى باختيار الله سبحانه وتعالى، فإن الرضا عن الله -سبحانه وتعالى- هو مفتاح السعادة والرضا في حياتنا.

نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات