السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يوجد لدي بعض المشاكل، لقد عشت فترة في ظل ديني، وكنت متذوقة طعم الحلاوة، إلا أني للأسف كنت أجهد نفسي في العبادة، ولم أوازن بين الدنيا والعبادة، وأحرم نفسي كثيرا، كنت مستمتعة، وأهلي ينصحوني أن أوازن بين ذلك، ولكن للأسف لم أستطع، لم أجد أحدا أسأله كيف أوازن بين هذا وذاك.
بدأت الدراسة وأجهدت نفسي في ذلك، وتعبت ولم أعد أستطيع أن أكمل، صحيح تفوقت ولكن الإجهاد هذا جعلني لا أفرح كثيرا، وتعبت جدا، وشكوت حالي لربي، وبدأت من الناحية الدينية أبتعد.
عندما رأيت أختي تتقرب من الله تعالى كان في قلبي حرقة على نفسي، أختي ما شاء الله تكمل دراستها وسبقتني بكثير، وتستطيع الدراسة بسرعة، وتجتهد، وهي من الأوائل، وكنت أنصحها دائما عندما كنت في عصري الذهبي أن تستغل فراغها للتقرب إلى الله، وبعدما أتاني هذا التعب -المرض في قلبي- تقربت هي إلى الله؛ وأصبحت أغار صراحة منها؛ لأنها تتقرب إلى الله أكثر وأنا أبتعد ولا أستطيع.
عندما أريد أن أقوم الليل لا أستطيع تحمل النعاس، فلا أعرف في أي ركعة أنا، وعندما أبدأ الصلاة وأكون على السجادة أشعر أن عظامي تتكسر، هذا يحصل كل يوم، وأشعر بالتعب في وجهي، ولا أعرف كيف أتصرف!
أرجو الرد علي في أسرع وقت لأني لم أعد أستطيع تحمل البعد عن ربي، وأرجو أن تقولوا لي ماذا أفعل، وكيف أتصرف والامتحانات النهائية اقتربت وليس لدي نشاط للدراسة، فقط بكاء!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mayar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لك مزيدا من الحرص على الخير، ومزيدا من التوفيق والهداية والسداد.
ونبشرك أولا: بأن الله سبحانه وتعالى أراد بك خيرا، فإن التوفيق للطاعات وغرس الحرص عليها والمحبة لها في القلب أمارة إن شاء الله على أن الله تعالى أراد بهذا الإنسان خيرا.
ونقول ما قاله أهلك من ضرورة التوازن، وأن يكلف الإنسان نفسه من العمل ما يقدر على الاستمرار عليه، وهذه هي وصية النبي (ﷺ)، ففي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل علي رسول الله (ﷺ) وعندي امرأة. فقال: (من هذه؟) فقلت: امرأة لا تنام، تصلي. قال: (عليكم من العمل ما تطيقون. فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه).
فهذا الحديث العظيم يبين فيه النبي (ﷺ) توجيها مهما للإنسان المسلم – ذكرا كان أو أنثى – بأن يختار من الأعمال ما يقدر على الاستمرار عليه، وقد دخل النبي (ﷺ) يوما المسجد فرأى حبلا ممدودا بين ساريتين، فقال: (ما هذا الحبل؟) قالوا: لزينب تصلي فيه فإذا فترت تعلقت به فقال: (حلوه، حلوه) يعني: فكوه (ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل – أو فتر – قعد – أو فليقعد-).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا في أن الإنسان ينبغي له أن يتعبد لله سبحانه وتعالى بما يقدر على المداومة عليه، ودين الله تعالى سهل يسير، فالله تعالى كلفنا بالفرائض وأوجبها علينا وهي قليلة يسيرة، وفتح لنا بعد ذلك أبواب النوافل، نفعل منها ما نقدر عليه دون مشقة.
فينبغي للإنسان المسلم والمرأة المسلمة أن يحذر من كيد الشيطان ومكر الشيطان، فإنه قد يرغب إليه الزيادة في العمل في أول الأمر ليفتره بعد ذلك ويقطعه عن الأعمال الصالحة كلها بعد ذلك، فينبغي للإنسان أن يكون حكيما مدركا ما يرضاه الله تعالى ويحبه، فالله تعالى يحب العمل الذي يداوم عليه صاحبه وإن كان قليلا.
وما شكوت منه من أنك تجدين غيرة في قلبك إذا رأيت أختك أكثر عبادة، إذا كنت تقصدين بذلك أنك تتمنين أن تكوني مثلها فهذا شيء جميل وحسن، والله تعالى يأجرك بنيتك وأمانيك.
أما إن كنت تغارين بمعنى أنك تغضبين إذا هي فعلت شيئا من الصالحات؛ فهذا خطأ، وينبغي لك أن تكوني محبة للخير، وتحرصي على أن يعبد الناس ربهم ويتقربوا إليه بما يحب، وهذه علامة حبك لله تعالى.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، وخير ما نوصيك به الإكثار من ذكر الله، فهو عبادة سهلة، ويحميك الله تعالى به من المكروهات، كما نوصيك بأن ترقي نفسك وتداومي على الرقية الشرعية، وأن تعرضي نفسك على الأطباء المختصين، فربما حصل خلل في جسدك يحتاج إلى معالجة ليعود الجسد إلى اتزانه واعتداله.
وأما موضوع الدراسة؛ فيحتاج الأمر منك إلى ترتيب الوقت وتنظيمه، والدراسة أولا بأول، وإعطاء نفسك حظها وحقها من الراحة، وللفائدة أكثر راجعي هذه الاستشارات: (2165544 - 2466581) وفي الموقع غيرها عن موضوع المذاكرة والاجتهاد يمكنك الرجوع إليها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.