السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أخ يسأل يقول: أدمنت على شرب الخمر، ثم تبت منه لكونه حراما، وأيقنت ذلك وتركته لوجه الله خوفا منه ومن عقابه، واليوم لي حوالي 12 سنة منذ تركه، وليس لدي أي نية للرجوع إليه إلى أن يتوفاني الله برحمته، لكن ينتابني منه خوف ووسواس منه، لما فعلت في السابق، وتمنيت لو لم أشربه أبدا حين أنظر إلى الحديث الذي رواه الترمذي الذي يقول لمن شرب الخمر لن تقبل صلاته أربعين يوما، فإن تاب تاب الله عليه إلى الرابعة لم يتب الله عليه، هل أنا داخل في الوعيد أم لا؟ أفيدوني.
أنا في حيرة، وكوني مريضا بالسل (بذات الجنب)، لما فيه من ألم حاد مستمر، ومناعة ضعيفة، كلما تذكرت الحديث يسوء حالي أكثر فأكثر، بما أن الأطباء حذروني ورفعوا من المعنويات يوميا لأتغلب على الألم وتقوية المناعة الذاتية للجسم.
وجزاكم الله خيرا لما تفعلونه لتوضيح الطريق المستقيم للمسلمين.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غانم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا وعلى هذا الأخ الذي يسأل عن توبته من شرب الخمر، ونحن نبشره بأنه إن تاب التوبة التي استوفت أركانها الشرعية، فإن الله سبحانه وتعالى سيقبل توبته ولن يرده خائبا، فقد قال الله في كتابه: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} [الشورى: 25]، وقال -جل شأنه-: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: 53].
والأركان التي لا بد منها في التوبة حتى تصح وتقبل أركان ثلاثة:
- الأول: أن يكون نادما على فعل الذنب.
- والثاني: أن يكون عازما في قلبه على ألا يرجع إليه في المستقبل.
- والثالث: الإقلاع عن هذا الذنب.
وهذه الأركان الثلاثة متحققة في هذا الأخ الذي يسأل عن قبول توبته، ولهذا نحن نبشره بأن الله سبحانه وتعالى لن يرده خائبا، فقد وعد الله في كتابه الكريم في آخر سورة الفرقان، وعد التائب بأنه يبدل سيئاته حسنات، فقال سبحانه وتعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 70].
ونوصيه بمقتضى هذه الآية أن يستكمل أوصافها بأن يتوب، ويفعل ما فرض الله تعالى عليه من أعمال الإيمان، فيؤدي الصلاة في وقتها، ويتفقد أحواله كلها حتى يكون على حالة مرضية عند الله تعالى، وعلى فرض وقوعه في ذنوب أخرى أو تقصير في فرائض أخرى فإن هذا لن يؤثر على توبته من الخمر، فإن الله تعالى يقبل توبة التائب ويمحو بها ذنبه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وقال: (التوبة تجب ما قبلها).
فليبشر برحمة الله تعالى وفضله، ويشكر نعمة الله تعالى عليه بالتوفيق للتوبة، ومن مظاهر هذا الشكر: الإقبال على استكمال الواجبات الدينية عليه، واجتناب المحرمات، والمسارعة والمسابقة فيما يقدر عليه من نوافل الأعمال، فإن ذلك كله حسنات تثبت في سجلات عمله.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليه، إنه جواد كريم.