السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف أحاول شرح مشكلتي ببساطة واختصار قدر الإمكان، أنا وعائلتي دائما في اختلاف، أحاول تجنب هذه المشاكل والمشاحنات بالانغماس في دراستي، والبقاء في غرفتي لفترات طويلة، راضيت والدتي والحمد لله إلا في جانب أو جانبين، لا أجلس معها لفترات طويلة، ولا أساعدها في أعمال المنزل كثيرا، وهذا لأنني لو بقيت معها سنتشاجر على أبسط الأمور، معها ومع أختي وأخي.
أبسط مثال: اليوم في صباح الجمعة أخبرتها برغبتي في التسجيل في مركز تحفيظ للقرآن، فبدأت تقول: هذا سوف يؤثر على دراستك، أخبرتها أنه من المهم أن أعطي وقتا لدراسة القرآن، قالت: نحن لسنا كفارا! ما شأن هذا في هذا؟!، أخبرتها: من أتى بسيرة الكفر؟ ردت: لا نحن عائلة وسط، ولا داعي لهذه الأمور، اهتمي بدراستك!
هذا ما يحدث دائما، كلما أقضي القليل من الوقت معها تحصل الكثير من المشاكل الأخرى، والمشاحنات اليومية التي أدت إلى ذهابي إلى طبيب نفسي، وها أنا الآن آخذ دواء نفسيا، وأتابع عند معالجة نفسية، لذا أتجنبهم وأبقى وحدي دائما.
هل علي حرج؟ هل سيكون علي إثم لبعدي عنها؟ وهذا البعد سيسبب تقصيرا في مساعدتها في المنزل، علما بأن لدي أختا أخرى كبيرة، ولكنني البكر لها.
وأنا كل ما تتاح الفرصة ويكون لا أحد في المنزل أخرج وأنظف وأقوم بالواجب، أيضا يوم الجمعة أتحمل في نفسي كل مشاكلهم وكلامهم، وأقوم بالواجب، ولكن لا يمكنني المساعدة حتى يوم الجمعة، والأمر يشغل تفكيري، بأني قد أكون مقصرة في حقها دينيا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - بنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك هذه الاستشارة التي تدل على رغبة في الخير وحرص على إسعاد الوالدة ومساعدتها والقيام بواجبك تجاهها، ونسأل الله أن يرزقك برها.
أرجو ألا تنزعجي من هذا الخصام الذي يحدث، فهذا لا يخلو منه بيت من البيوت، ولكن الذي أريد أن أنبه له هو ضرورة ألا يطول الجدال، ولا تناقشي الوالدة، بل لا تطرحي المواضيع التي تتوقعين منها ردة فعل سلبية أمامها، وهذا من الأمور المهمة.
وإذا تكلمت الوالدة فنحن أحيانا نحتاج إلى أن نكون مستمعين جادين، يكفي أن نستمع دون أن نجادل، ودون أن نتكلم ونرد على كل كلمة؛ لأنك لا تتعاملي مع زميلة، أنت تتعاملي مع والدة، دعيها تتكلم بكل ما تريده، وكوني مستمعة جيدة، وافعلي في النهاية ما يرضي الله، وافعلي في النهاية ما فيه مصلحة؛ لأن مجرد السكوت أثناء كلامها وعدم ترداد الكلام معها ومجادلتها؛ هذا باب يجلب الرضا، وهذا هو المطلوب منك شرعا، مهما كان الكلام الذي تقوله الوالدة معقول أو غير معقول؛ ينبغي أن نكون مستمعين جيدين، ثم في النهاية نفعل ما فيه طاعة لله؛ لأنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، ونفعل ما فيه مصلحة لنا ولهم.
والاستعداد للمشاكل وأنك كلما كنت بينهم تحصل مشاكل؛ هذه أيضا من الأمور والقناعات التي أرجو أن نصححها، ودائما نحن نتمنى عندما يكون الأهل على مائدة طعام، أو في عمل إعداد الطعام؛ ينبغي أن يكون النقاش في الأمور العامة، مثل الجو، الموضات، ما يطرح في وسائل الإعلام... أمور عادية يتفق الناس عليها؛ لأن الأمور الخاصة لا يصلح مناقشتها عند الطعام، وعند صنع الطعام؛ لأن هذا يجلب توترات، ولذلك أتمنى أن يكون هناك انتباه لهذه المسألة، ولن تأثمي إذا بعدت عنها، ولكن أتمنى أن تختاري الأوقات المناسبة للسؤال عن صحتها والسؤال عن عافيتها، وأيضا هذا الأمر ينبغي أن تنتبهي له في علاقتك مع أهل البيت جميعا.
وسعدنا أنه كلما تتاح لك الفرصة أنك تنظمين وترتبين المنزل، وهذا أيضا ينبغي أن يكون أمامهم؛ لأن الوالدة ستسعد إذا وجدتك معها تعملين في نفس الوقت، وهذا إحساس جميل منك، وتحمل المشاكل والكلام هذا من الأمور الطبيعية، وإذا لم يصبر الإنسان على والديه وعلى إخوانه وإخوته، فعلى من يكون الصبر؟! ونسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تعطي الأمور أكبر من حجمها، وأيضا لا تفكري في هذا الأمر، ولا أظن أنهم يفكرون أو لاموك على هذا الذي يحدث، فقد أحسنت بالمشاركة معهم، ثم بتحديد وقت لدراستك، أو لحفظ كتاب الله، هذا كله مطلب، والإنسان ينظم وقته، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.