السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 13 سنة، كان عندي وسواس ليس له علاقة بالدين، وقد شفيت منه قبل عدة أشهر، ولكن رجعت الوساوس الدينية مرة أخرى لمدة 3 سنوات ونصف، وكنت أعتبر بأني شفيت منها، ولكني انتكست مرة أخرى، وكان أشد وسواس هو وسواس النجاسة من كل شيء، ولكني استطعت التغلب عليه خلال هذه السنة، ما عدا نجاسة الكلب، لم أستطع التغلب عليه منذ سنة، فلا أدري ماذا أفعل!
سأقول لكم وضعي وأنتم قولوا لي ماذا أفعل، لا أعلم إن كان هذا وسواسا، ولكن أعلم أن أكثر الناس تدينا لا يفعلون ما أفعله، في مرة كنت في سيارة الباص (الميكروباص) كنت أنظر ناحية الشمال، ثم نظرت ناحية اليمين وشعرت بفرو لامس وجهي، واكتشفت أن هناك كلبا بجانب سيارة الباص (الميكروباص)، وأنا كنت جالسة بجانب النافذة.
ومرة كنت أعبر الطريق وهناك كلب بعيد، ولكن مرت سيارة بجانبه، وهذه السيارة مرت من جانبي ولمست جلبابي، ونظرت على جلبابي ووجدت أنه قد ابتل بشيء صغير منه، فخطر على بالي أنه من الكلب حين لمس السيارة.
ومرة كنت في مكان كله كلاب، وهناك تجمع ماء من المطر ولمس جلبابي الماء، فغلب على ظني أن الكلاب تشرب منه، وكثيرا ما أجد طعام الحيوانات مرميا على الأرض، فلا أعلم هل أكله كلب أم هرة، هل هو مبلل أم جاف؟!
صرت لا أخرج من البيت، وأغسل ملابسي، ولا ألمس جزءا من الأثاث بهذه الملابس، ولا كتبي، وأهلي في حزن شديد جدا، أصبحت أشتري كتابين: واحدا للبيت وآخر لخارج البيت.
لا أحد يعيش هكذا، ولا أعلم ماذا أفعل، ولا أعلم ما الحكم الشرعي؟ أهلي يقولون: خذي بمذهب الإمام مالك، لكن يجب على المسلم أن يأخذ الأصح والصادق، وليس بالأسهل، علما أني كنت أذهب للأطباء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يمن عليك بعاجل العافية والشفاء من هذه الوساوس.
الوسوسة لا دواء لها -أيتها البنت الكريمة- إلا بالإعراض عنها والتغافل عنها، وعدم الاسترسال معها، والبحث عن الأحكام المترتبة عليها، هذا هو دواؤها الذي لا دواء لها أنفع منه، ونصيحتنا لك أن تأخذي به، وأن تكوني جادة في تطبيقه، وأن تعلمي أن الوسوسة شر مستطير وستدخلك في أنواع من الضيق والحرج، وتثقل عليك العبادة أكثر مما أنت فيه من الضيق.
فالخير كل الخير لك من الناحية الدينية والدنيوية: أن تفعلي ما ينصح به الموسوس من الأدوات والأسباب، للتخلص من الوسوسة.
أول هذه الأحكام: أن تعلمي جيدا - أيتها البنت الكريمة - أن الموسوس مريض، والله سبحانه وتعالى يخفف للمريض ما لا يخفف لغيره، ويجوز له أن يأخذ بأيسر الأقوال حتى يعافيه الله تعالى ويشفيه، وما نصحك به أهلك نصيحة صحيحة في محلها، ولا تخالف أبدا الأخذ بالأصح والأقوى؛ لأنه في حقك الآن هو الأصح، وهو الذي يحبه الله تعالى ويرضاه منك، وينبغي أن تعبدي الله تعالى بما يحبه هو لا بما يمليه عليه وسواسك.
ثم كل هذه الوساوس التي ذكرتها لا حقيقة لها، فليس في شيء منها أنك أصبت بنجاسة الكلب، حتى على مذهب القائلين بأن الكلب نجس، فإنه لا يحكم بالنجاسة إلا عند تيقن الإصابة بها يقينا، كتيقن من يتيقن وجود الشمس في النهار، وهذا ليس حاصلا لديك أنت، وبه تعلمين أنك في عافية وخير كثير لو عملت بهذه النصيحة الموجهة لك.
فبادري إلى تجاهل هذه الوساوس والإعراض عنها، وننصحك بأن تواصلي التداوي لدى الأطباء الماهرين في عملهم، فربما اعترض جسدك شيء من التغير فيحتاج إلى دواء يعيد له اعتداله ومزاجه، وهذا داخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء، فتداووا عباد الله).
نسأل الله تعالى أن يعجل لك بالعافية.