السؤال
أهلي شاهدوني وأنا أشاهد أفلاما سيئة منذ أن كنت في سن العاشرة، كانوا يعلمون بذلك، ولكنهم لم ينصحوني ولم يواجهوني في حينها؛ مما أدى إلى ثبات تلك العادة معي إلى الآن، ومما أثر على حياتي بالكامل، وأصبحت أتتبع عورات الناس.
الآن، أهلي مجددا شاهدوني وأنا أتتبع عورة أحدهم، ولكن هذه المرة انفجروا في وجهي وقالوا لي: "نعلم أنك تفعل كذا وكذا." ومنذ تلك اللحظة، لم تفتح أمي فمها لي بكلمة، ولا تنظر إلي.
هل هناك ما أفعله لكي يغفر الله لي تتبعي لعورات الناس؟ مع العلم أنني إذا ذهبت إلى الأشخاص وطلبت سماحهم، فسوف تحدث مشكلة كبيرة وسوف أفتضح.
منذ تلك اللحظة، وأشعر أن مكانة عائلتي ماتت في قلبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يغفر لك ويتوب عليك.
مما لا شك فيه أن أهلك قد قصروا فيما يجب عليهم من نصحك وتوجيهك ووعظك أثناء صغرك، ولكن هذا الخطأ الذي صدر منهم لا يبرر لك الاستمرار على هذا الفعل، كما لا يبرر لك الإساءة إلى والديك، فإن فريضة البر بالوالدين لا يسقطها وقوعهما في معصية أو تقصير.
وننصحك - أيها الحبيب - بأن تسارع إلى هذه التوبة التي تعزم عليها وتسأل عنها، بادر قبل أن يفاجئك الأجل، والتوبة باب الله تعالى الذي فتحه لعباده لإصلاح ما أفسدوا، وهو فضل من الله عظيم، ولا يغلق حتى تبلغ الروح الحلقوم، أي حتى تحضر لحظات سكرات الموت، فبادر إلى التوبة وسارع بالتوبة النصوح، والتوبة تعني: أن تندم على فعل الذنب، وتعزم في قلبك على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عن الذنب.
فإذا تبت هذه التوبة فإن الله تعالى يقبل توبتك، كما قال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} [الشورى: 25]. وإذا قبل الله تعالى توبتك فإنه يمحو بها ذنوبك السابقة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، بل أخبر الله بأنه يبدل سيئات التائب حسنات فقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [الفرقان: 70].
ولا تفضح نفسك، ولا تخبر بهذا الذنب أحدا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من أصاب شيئا من هذه القاذورات فليستتر)، فاستر على نفسك ما دام قد ستر الله تعالى عليك.
وهؤلاء الذين وقعت في ظلمهم والاعتداء على حقهم واطلعت على عوراتهم، ما دمت لم تتمكن من التحلل من حقوقهم إلا بفضح نفسك؛ فينبغي لك أن تستسمحهم وتطلب منهم السماح عن حقوقهم على وجه الإجمال دون الدخول في التفاصيل، كأن تقول لهم: (سامحوني فيما لو قصرت في حقوقكم، أو اعتديت على شيء من حقوقكم) أو نحو ذلك.
فإن لم تقدر على ذلك فأكثر من الدعاء لهم، وسيتحمل الله تعالى عنك هذه المظالم بمنه وكرمه، فأكثر من دعائه أن ينجيك من عذابه، وأن يجنبك سخطه، وأحسن ظنك به فإنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.