أعيش حالة اكتئاب وندم بسبب تخصصي الدراسي

0 1

السؤال

السلام عليكم

أنا شابة، حاصلة على شهادة -ماستر- دراسات جامعية، عام 2019م، وكنت الأولى في تخصصي، ومنذ أن تخرجت إلى الآن لم أحظ بفرصة واحدة للعمل، رغم أني أطرق كل الأبواب، لكن لا أجد تيسيرا، ودائما مرفوضة.

أصبحت أعيش حالة اكتئاب وندم، لأني اخترت الطريق الخطأ، والتوجه الخاطئ، كنت مخيرة بين 3 تخصصات في مجال المالية، واخترت مجال اللوجستية.

قهرني الندم، خصوصا أني أحس أن العمر يجري وأنا في نفس المكان، هل اختياري كان مقدرا ومرتبطا بالقضاء والقدر، أم أنا المسؤولة عن حالتي اليوم، وكان يلزم أن أختار المالية، ولو اخترتها لكانت حياتي ستكون غير ما أعيشه اليوم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا، أود أن أعبر عن تقديري لمشاعرك وما تمرين به، ومن الواضح أنك مجتهدة، لديك الكثير لتقدميه، وفيما يتعلق بمشاعر الندم والقلق حول قراراتك السابقة، إليك بعض الأفكار التي قد تساعدك على التعامل مع هذه المشاعر:

1. كل شيء يحدث بإرادة الله وقدرته، لكن هذا لا يلغي مسؤولية الإنسان عن اختياراته، قرارك بخصوص التخصص الجامعي كان اختيارا قمت به في ذلك الوقت، بناء على أفضل تقديراتك ومعلوماتك، قال تعالى: ﴿إنا كل شیۡء خلقۡنـٰه بقدرࣲ﴾ [القمر ٤٩].

2. من الطبيعي أن نتساءل عما كان يمكن أن يحدث "لو" اتخذنا قرارات مختلفة، لكن من المهم أيضا أن ندرك أن هذا النوع من التفكير قد لا يكون مثمرا دائما، وبدلا من التركيز على الماضي، حاولي التركيز على ما يمكنك فعله الآن لتحسين وضعك.

في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل)، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن) هو أن يسعى المؤمن إلى كل ما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يعتمد على الله تعالى في كل أموره، وألا ييأس من رحمة الله.

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل) هو أن يتقبل المؤمن ما أصابه من مصائب وشدائد بصبر ورضا، وألا يندم على ما فات، وأن يؤمن أن كل ما يحدث هو بقضاء الله وقدره.

هذا الحديث يحث المؤمنين على قوة الإيمان، وقوة البدن، وقوة العمل، ويحثهم على الحرص على ما ينفعهم، والاعتماد على الله تعالى، وعدم اليأس من رحمته.

3. قد يكون من المفيد تقييم مهاراتك وخبراتك، واستكشاف الفرص المتاحة في مجال اللوجستيك، أو حتى مجالات أخرى، ويمكن أن تكون التدريبات المهنية، الدورات التكميلية، أو حتى الانتقال إلى مجال آخر خيارات، لعلها تستحق النظر.

4. من المهم الاعتناء بصحتك النفسية، التحدث مع مستشار، أو الانخراط في أنشطة تحسن من حالتك المزاجية، يمكن أن يكون مفيدا.

5. الثقة بأن الله تعالى له حكمة في كل شيء، وأن كل تجربة في حياتنا لها قيمتها ومعناها، وأن الله تعالى يقدر لكل منا ما يكون أرفق به، فقد يعطي هذا المال، ويحرم شخصا آخر المال، وبالمقابل يعطيه الصحة والأولاد، وهكذا يوزع الأرزاق بأشكال مختلفة، قال تعالى: ﴿ ولوۡ بسط ٱلله ٱلرزۡق لعبادهۦ لبغوۡا۟ فی ٱلۡأرۡض ولـٰكن ینزل بقدرࣲ ما یشاۤءۚ إنهۥ بعبادهۦ خبیرۢ بصیرࣱ﴾ [الشورى ٢٧] فاستمري في الدعاء وطلب الهداية والتوفيق من الله.

6. بناء شبكة مهنية من خلال التواصل مع الزملاء، المشاركة في الأحداث المهنية، أو حتى الانضمام إلى مجموعات مهنية على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يفتح أمامك أبوابا جديدة.

تذكري أن كل خبرة في حياتنا تساهم في تشكيلنا وتطويرنا كأشخاص، وأنت في بداية رحلتك المهنية، وما زال هناك الكثير من الوقت لتحقيق النجاح والوصول إلى أهدافك، وربما يكون رزقك في الطريق.

ثقي بأن الرزق يسعى إليك، كما ورد في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لن تموت نفس قبل أن تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه في غير طاعة الله، فما عند الله لا يؤخذ إلا بطاعته، رفعت الأقلام وجفت الصحف). رواه الإمام أحمد.

وفقكم الله، ويسر لكم أموركم.

مواد ذات صلة

الاستشارات