السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أود أن أسأل عن الانهيار العصبي، فما هو؟ وما هي أسبابه؟ وهل كتمان الهموم له دور في حدوثه؟ وهل يمكن معالجته دون اللجوء لأخذ الأدوية والعقاقير الطبية؟ حيث أن ظروفي المادية لا تسمح.
ثقتي بكم كبيرة بأنكم لن تهملوا رسالتي، وأعتمد عليكم بعد الله تعالى حيث أنني لا أستطيع الذهاب للطبيب النفسي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حقيقة يجب أن نحدد أولا ما هو المقصود بالانهيار العصبي؛ لأن هذا التعبير يعني أشياء مختلفة لمختلف الناس، فإذا كان المقصود به هو حالات القلق والتوتر الشديد الذي بعدها يفقد الإنسان توازنه وينهار بصورة هستيرية، هذا قطعا يحدث في ظروف معينة للأشخاص الذين ليست لديهم القدرة على التواؤم، وليست لديهم القدرة على التكيف، وربما يعانون من علة ضعف في شخصياتهم.
أو إذا كان الانهيار العصبي يعني حالات الاكتئاب الشديد التي ينعزل بعدها الإنسان ويكون غير فعال، هذه كلها مفاهيم مختلفة لدى بعض الناس؛ ولكن المفهوم الشائع هي حالات الإنهاك النفسي الشديد التي تصيب الإنسان حين يواجه مواقف قد تكون شديدة بعض الشيء، وهذا بالطبع يعتمد على الإنسان، وعلى الحدث نفسه، وعلى الظروف المحيطة بالإنسان، وكذلك كمية الدعم التي يجدها من الآخرين، وكذلك المؤازرة والمساندة التي تتوفر لمواجهة مثل ذاك الموقف.
أولا: على الإنسان أن يتعلم أن ينفس عن نفسه، هذا أمر ضروري، بمعنى أن كثيرا من الناس الذين يتعرضون لهذه الانهيارات العصبية - إن جاز التعبير – تكون لديهم عدم المقدرة على التعبير عن ذاتهم، فالشيء الضروري هو أولا: عليك ألا تكتمي مطلقا، عبري عن نفسك حتى بالنسبة لصغائر الأمور التي تكون غير مرضية لك؛ لأن الاحتقان النفسي والسكوت على هذه الأمور البسيطة يؤدي إلى هذا الإنهاك أو الضعف أو الانهيار النفسي، إذن يعتبر التعبير عن الذات من أهم الأشياء.
ثانيا: على الإنسان أن يتذكر دائما أنه يجب أن يكون قويا وأن يكون فعالا، وأن يبني في فكره أن الحياة فيها المشاق وفيها المصاعب، وفيها ما هو جميل وما هو صعب وقبيح ... وهكذا، هذه المفاهيم تقلل مما يعرف بالقلق التوقعي؛ لأن القلق التوقعي والذي يتميز دائما بالتشاؤم والتطير، ربما يؤدي إلى هذه الانهيارات العصبية.
ثالثا: لقد وجد أن تمارين الاسترخاء مفيدة جدا في التقليل من حدوث هذه الانهيارات، وتمارين الاسترخاء يمكن أن يتعلمها الإنسان عن طريق الاستفادة من الأشرطة والكتيبات التي توضح كيفية إجراء هذه التمارين، أو يمكن بمقابلة أحد الأخصائيين النفسيين والذين سوف يقوم بشرحها.
أو في أبسط صورها هي: أن يستلقى الإنسان في مكان هادئ ويتأمل في شيء جميل، ولا مانع أن يستمع لشيء من القرآن من المسجل بصوت منخفض، ثم بعد ذلك يقوم الإنسان بغمض العينين وفتح الفم قليلا، ثم بعد ذلك أخذ شهيق عميق عن طريق الأنف، ولابد أن يكون ببطء، وعملية الشهيق بالطبع هي إدخال الهواء بقوة وبطء، ثم بعد ذلك يمسك الإنسان على الهواء في صدره لمدة قليلة، ثم بعد ذلك تأتي عملية إخراج الهواء وهي الزفير، ويجب أن يكون أيضا بالقوة والبطء التي حدث بها الشهيق، يكرر هذا التمرين أربع إلى خمس مرات في كل جلسة، بمعدل مرتين إلى ثلاث في اليوم؛ يعتبر من التمارين الجيدة والمفيدة والتي تقوي النفس، كما أنها تزيل من الطاقات النفسية الغير مرغوبة والتي تؤدي إلى الانهيارات العصبية.
التمارين الرياضة بصفة عامة أيضا تعتبر جيدة.
أيضا التواصل مع الآخرين، وحضور حلقات التلاوة وغيرها، وسط المجتمعات أو المجمعات النسائية؛ أيضا تقوي من شكيمة الإنسان ومقدراته النفسية وتزيد من اندفاعاته.
أيضا القدوة ومصاحبة الأفاضل والأخيار من الناس، تساعد في تقوية النفس، وعلى الإنسان دائما أن يتمثل بالأقوياء وأولي العزم، فهذا إن شاء الله يرفع أيضا من قوته ومن شكيمته، ويجعله يواجه هذه الانهيارات العصبية.
هذا هو الذي أود أن أنصح به، ولا مانع إذا كان الإنسان قلقا أن يستعمل أحد الأدوية البسيطة، ومن هذه الأدوية الدواء الذي يعرف باسم (فلونكسول)، وجرعته هي حبة واحدة في اليوم، وهو دواء بسيط جدا وغير مكلف مطلقا، ويمكن تناوله لمدة شهرين أو ثلاثة.
وبالله التوفيق.