السؤال
السلام عليكم ..
أنا شاب عمري 21 سنة، عانيت من فتنة النساء والشهوات ما الله به عليم، لذلك سعيت في طلب الحلال والزواج، وتقدمت لفتاة متدينة عمرها ٢١ عاما، صالحة، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر على قدر استطاعتها، تدرس العلم الشرعي، ووالدها شخص محترم جدا ومتدين وملتزم بالشرع، وقد وافق علي وأحبني، وأحب أن أكون صهره، علما أن وضعي المادي غير مستقر، فأنا لا زلت أدرس وأسكن مع والدي، أي ليس لدي مسكن خاص بي.
لكن عند النظرة الشرعية لم يعجبني جمال الفتاة كما أحب، فليست دميمة الخلق، لكن لم يعجبني وجهها كما أريد، لذلك أنا متخوف من الإكمال في هذا الأمر، وأخاف أن أقول لنفسي بعد سنين من الزواج: لماذا أقدمت على هذا الأمر؟ ولماذا لم تتزوج من تعجبك من البداية؟
خصوصا أني قرأت تجارب كهذه لأشخاص مروا بنفس الأمر، وفي نفس الوقت هناك دافع يدفعني لإتمام الأمر، متمثلا في التوكل على الله والطمع بما عنده، وأن يجعل هذه الفتاة جميلة في نظري، ويرزقني معها سعادة ربما لا أحصلها مع غيرها من الجميلات، خصوصا أنه قل ما أجد فتاة في زماننا كهذه في بلدنا هذا بالذات، إضافة لما رأيت من خير في والدها وقبوله بوضعي المادي المتواضع.
كما أني قرأت تجربة لشاب أخذ بنصيحة الشيخ ابن عثيمين، بإتمام الزواج من ذات الدين ولو لم يكن جمالها كما ينبغي، وأن الله سيرزقه سعادة لا يحصلها مع غيرها، كما أني متوكل على الله وموقن أنه سيعوضني خيرا بإتمام هذا الزواج؛ لأن نيتي -إن شاء الله- هي إعفاف نفسي والبعد عن المحرمات وتكثير النسل الصالح، والزواج بمن تعينني في الخير وتقربني من الجنة، فهل تنصحونني بالإكمال؟
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Firas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يعينك على الإكمال.
الإمام أحمد - رحمه الله - لما أراد أن يتزوج أرسل قريبة له فنظرت ثم جاءت فقالت: (وجدت لك فتاتين، الأولى بارعة في جمالها متوسطة في دينها، والثانية متينة الدين متوسطة الجمال، أي منهما تريد؟)، فقال -رحمه الله-: (أريد صاحبة الدين)، وقد أحسن - رحمه الله - فتلك وصية رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم، وعاش معها الإمام أحمد ثلاثين سنة وقال يوم وفاتها: والله ما اختلفنا في كلمة.
وعليه أرجو أن تعلم أن الدين هو الأساس، وهنيئا لمن وجد فتاة متدينة لأب متدين رضي به وأحبه، أرجو أن تعلم أن ما جاءك بعد ذلك من وساوس ومن تخوفات، هي من عدونا الشيطان الذي لا يريد لنا الحلال، واعلم أن الحب من الرحمن وأن البغض من الشيطان، يريد أن يبغض للناس ما أحل الله لهم، ونسأل الله أن يعينك على إتمام هذا المشوار.
وأرجو أن تعلم أن الجمال نسبي، وهو مقسم بين النساء، وكذلك الإيجابيات والعيوب متفاوتة بينهن، لذلك قال النبي (ﷺ): (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، أي: شأن المؤمن ألا يبغض المؤمنة بغضا كليا يحمله على فراقها، بل ينبغي له أن يغفر سيئتها لحسنتها، ويتغاضى عما يكره بما يحب، كأن تكون سيئة الخلق (الشكل) لكنها دينة أو جميلة أو تعفه أو رفيقة به، أو نحو ذلك.
لا شك أنك صاحب القرار، لكنا نشير عليك بالإكمال، وننصحك بالنصيحة التي نصح بها الشيخ ابن العثيمين الشاب كما أشرت في استشارتك، وعليه نحن نشجع فكرة الإكمال والتوكل على الله تبارك وتعالى، والنظر إلى الإيجابيات وتضخيمها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسعدكم، وأن يفرحكم بهذا الزواج، وأن يجعله عونا لكم على طاعة الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
هذا، وبالله التوفيق.