السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
نريد أن نعرف ما هو الإرهاب؟ ومن هم ضحايا الإرهاب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الكريم وأستاذنا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونشرف بمثل هذه الأسئلة التي فيها توضيح وتصحيح لكثير من المفاهيم، وهذا السؤال حقيقة يدفعنا لتصحيح المفاهيم، وكشف من يرغب في العبث بالمصطلحات، وهذه ساحة تحتاج منا إلى مرابطة حتى نصحح المفاهيم ونضع النقاط على الحروف، لأنهم يريدون من وراء هذا أن يرموا الأبرياء المدافعين عن حقوقهم بتهمة الإرهاب، وقد أحسنت لجنة خبراء العرب عندما فرقت بين كفاح أصحاب الحقوق من أجل حقوقهم، وبين مصطلح الإرهاب.
كلمة الإرهاب حقيقة تعني التخويف، ويدخل فيها أي عمل أو فعل يلحق العنف والضرر بالأفراد أو بالمجتمعات، أي عمل يسلب الناس نعمة الأمن والأمان، أي عمل يرسخ أجواء التوتر ويبث الرعب وعدم الاستقرار، وربنا العظيم لا يحب المفسدين، ولكن من الناس -والعياذ بالله- من يسعى في الأرض ليهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد.
والإرهاب في صورته الحديثة المطروحة في وسائل الإعلام، بل الموجودة في الواقع في هذا العالم الذي أصبح غابة تأكل فيه كبار الحيتان الأسماك الصغيرة، وغابة بكل ما تحتويه الكلمة، بل الغابة ربما لها قوانين تقيدها، ولذلك الإرهاب في صورته الحديثة فعلا غريب ودخيل على الإسلام وأهله، وهو عمل قبيح يصدر عن معتدين فاسدين ظالمين، وبعد ذلك يرمون الناس بجرائمهم، مثل ما يقال: (رمتني بجريرتها وانسلت)، والعجب في من ينتزع الأرض بهتك العرض، فإذا قام المظلوم ليدافع عن حقه يرمى بتهمة الإرهاب.
ولذلك نحن بحاجة إلى أن نضع بعض القواعد المهمة، لنقول:
أولا: الإسلام دين يرفض العنف، ويرفض مجرد الترويع للإنسان، بل يرفض أذية الحيوان، ويأمر بالرفق والرحمة والعدل، وصولا إلى الإحسان.
ثانيا: الإرهاب بوجهه الكالح ليس له وطن معين، أو دين محدد، أو جنس، بل هو حالة فيها خروج عن الفطرة السليمة ومخالفة للأديان السماوية أيضا.
ثالثا: الأمم التي قبلنا -وهذا جانب مهم حول بداية الإرهاب- عرفت الإرهاب، والدنيا سمعت بمحاكم التفتيش، والظلم الذي حدث، ملايين من الناس ماتوا في دول اليوم تدعي حقوق الإنسان، وحضارات كان عندها شريعة الغاب هذه، عليه: الأمم قبلنا عرفت الإرهاب، وفيهم من أوغلوا في الدماء، فليس هناك مجال لربط الإرهاب بالإسلام وأهله، بل نحن ضربنا أروع الأمثلة -كما سيتضح- في الرحمة بالخلق، ولم تعرف الدنيا فاتحين أرحم من المسلمين.
رابعا: الإسلام كلف أهله بإعداد القوة الرادعة لتكون مناعة للإرهاب، نحن من نمنع الإرهاب، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، وهذه استراتيجية عظيمة ومنهج كبير في الإسلام، لأن الذي يمنع الإرهاب هو استعداد الناس للدفاع عن أنفسهم، فلا يمنع الإرهاب مثل استعداد أهل الإيمان لردع المعتدي، وتتجلى عظمة هذا الدين في أنه يرفض أن يبدأ المسلم بالعدوان، ولكن {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}. كذلك من يتأمل في كتاب الله يلاحظ أن آية السلام تأتي بعد هذه الآية، قال تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}.
كذلك أيضا من الأمور المهمة: الإسلام يمنع أهله من التجاوز وفرض الحروب، يعني حتى في الحروب -النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام في منهجه-، حتى ونحن نحارب، يقول: (لا تقتلوا وليدا، ولا طفلا، ولا امرأة، ولا راهبا، ولا هاربا)، أي عظمة في هذا الدين العظيم الذي هو أهله اليوم ضحية لهذا الإرهاب المنظم، وبعد ذلك نرمى بهذا الداء، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على توضيح هذه المفاهيم، حتى يكون الناس على بينة من أمر هذا الإسلام.
وحقيقة لا حل في علاج الإرهاب إلا بالعودة إلى سماحة هذا الدين، دين الرحمة والعفو والسماحة، الدين الذي فيه ينهى عن كل ما يلحق الأذى بالإنسان، ويريد للناس أن يعيشوا في ظلال الأخوة، وفي هذا الرباط العظيم الذي يدعو إلى المحبة وإلى كل خير.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق، ونكرر لك الشكر على هذا السؤال الرائع.