كيف نربي أبنائنا دون أن نستخدم معهم الضرب أو العنف؟

0 34

السؤال

كيف أربي ابني تربية سليمة دون استخدام الضرب أو العنف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أيها الأخ الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

سؤال جميل: كيف أربي ابني تربية سليمة دون استخدام الضرب أو العنف؟
نقول: يحصل هذا باتباعنا لهدي النبي ﷺ الذي ربى أمة فيها الصغير وفيها الكبير، وما ضرب بيده امرأة ولا طفلا ولا خادما. قد يقول قائل: أولئك صحابة وجيل ... وكذا؛ لكن نحن نريد أن نقول في ميدان الطفولة: الطفولة هي الطفولة، والدليل على ما نقوله هو كلام أنس الذي تشرف وهو طفل صغير بخدمة النبي (ﷺ) نحوا من عشر سنين، قال: (خدمت النبي ﷺ عشر سنين، ‌فما ‌قال ‌لي: أف، ‌ولا ‌لشيء ‌فعلته لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله ألا كنت فعلته).

وليس معنى هذا أن أنسا ما كان يخطئ، بل الدليل على أن الطفل يخطئ من كلام أنس، يعني موجودة الدواعي التي كان يمكن أن يضرب لأجلها صلى الله عليه وسلم أن يعنف، قال أنس: (كان رسول الله ﷺ من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: ‌والله ‌لا ‌أذهب) عناد مع سبق الإصرار، قال: (وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله ﷺ)، والنبي (ﷺ) تركه، ثم بحث عنه بعد مدة فوجده في اللاعبين، فغط عينيه من خلفه يمازحه، قال أنس: (فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله ﷺ قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك)، لم يقل في يده عصى ولم يقل ضربني، أو زجرني، أو ... وحاشاه، ثم، فقال: ﷺ: (يا أنيس، أذهبت حيث أمرتك؟) قال أنس: (قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله) فانطلق في حاجة النبي ﷺ.

بل الأمر كما قال أنس: (ولا لامني، فإن ‌لامني ‌بعض أهله قال: دعه)؛ لأن نبي الرحمة لا يعنف، ولا يلوم، ولا يعاتب، ولكن أنس يتأخر ويأتي والنبي عند عائشة أو صفية أو ميمونة - إحدى الكريمات عليهن من الله الرضوان - فتقول هذه الزوجة: يا أنس لماذا يا أنس ولماذا؟ فيقول النبي ﷺ: (دعوه؛ لو ‌قدر ‌لكان)، وهذا دليل على أن النبي ﷺ كان يحمي هذا الطفل من اللوم والعتاب ومن حشد الأخطاء، وهذا كمال في تربيته عليه صلاة الله وسلامه، ينبغي أن نتعلمه ونعلمه للدنيا.

ولذلك الإنسان ينبغي أن يعرف أولا خصائص المراحل العمرية، ويعرف طرائق التعامل مع الطفل، ويحرص على أن يكون قدوة لهذا الطفل، ونحرص دائما على أن نتجنب العنف، بل نتجنب الصراخ، ضرره ربما أكثر من الضرب، لأنه يجعل هذا الطفل يفقد توازنه، قد يتأتأ، قد يتبول في فراشه ليلا، قد يأتيه أذى ... ولذلك ينبغي أن ننتبه.

وعلينا أن نتذكر أيضا أن الأطفال عرضة للخطأ، وأن التخريب عندهم تجريب، فهو يتعلم، أنه يحتاج إلى توجيه وتعليم، ومن المهم أن نحسن التعليم له، ثم نحسن أن نكون له قدوة حسنة، فليكن أول ما نبدأ به من تأديب أبنائنا تأديب أنفسنا؛ لأن أعينهم معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسناه، والقبيح عندهم ما استقبحناه.

ولو أردنا أن نجيب على هذا السؤال باختصار هو أن نقول: كيف نربي أبنائنا تربية سليمة دون استخدام الضرب أو العنف؟ بأن نربي على الحب، والتربية على الحب وبالحب هي منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك ينبغي أن نتبع هذا الهدي النبوي في تربيتنا لأبنائنا، وفي تربيتنا لطلابنا، وعندها سنجد الخير الكثير.

وحقيقة المربي الذي يستعجل الضرب ويستعجل استخدام العنف؛ هذا عنده عجز ونقص؛ لأن هذه الوسائل حتى لو تعينت في أضيق إطار فإنها آخر الدواء، وآخر الدواء الكي، والشريعة شدت في هذا الأمر، ولذلك قدوتنا (ما ضرب، ولا رضي للصحابي الذي كان يضرب ولامه) يعني عليه صلاة الله وسلامه.

نسأل الله أن يعيننا على التأسي بالنبي ﷺ حتى نحسن تربية أبنائنا.

مواد ذات صلة

الاستشارات