السؤال
أنا مدرس ولدي موضوع يؤرقني، وهو مسألة العنف بين الطلاب في المدارس، فخلال وجودي في أكثر من مدرسة، أجد الكثير من العنف بين الأطفال، عنف لفظي من شتم وكلمات استهزاء، وعنف يدوي من ضرب وغيره، وأجد بعض الطلاب كأنه يخاف، ويستسلم لهذا العنف وهذا التنمر.
فكيف أتعامل معهم وأعالج هذه المشكلة؟ وكيف أستطيع أن اتصدى لظاهرة العنف بين الطلاب؟ وهل هناك كتب أو أي شيء أستطيع الاستفادة منه لموضوع العنف في المدارس؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أستاذنا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونحيي هذا السؤال الرائع الذي سيعيننا إن شاء الله في وضع النقاط على الحروف، خاصة وهو يأتي من مدرس، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بالمعلمين، وبشرى لهم فهم على خطى رسولنا الأمين الذي بعث معلما -عليه صلاة الله وسلامه-.
وأقدر الناس على التعامل مع مسألة العنف بين الطلاب هو المعلم والمدرس بإبداعه في التدريس، بحرصه على تنمية القيم الإيجابية، بتنمية روح التعامل بين الطلاب، بلفت نظرهم إلى معاني الأخوة التي ينبغي أن تشيع بينهم.
والمعلم يواجه صعوبات كبيرة؛ لأن بعض هذا العنف -الذي يكون عند أبنائنا وأطفالنا في المدارس- إنما هو صورة من صور ما يحدث في البيوت وفي البيئات، بل ربما يجد التشجيع من بعض الآباء والأمهات، الذين يفهمون الرجولة والشجاعة بطريقة خاطئة، بل يوجد من يقول لأبنائه: (حذار أن تأتيني مضروبا، لا تكن ضعيفا، لا تستسلم لأحد، من ضربك اضربه) ونحو هذه الكلمات. ونحن نؤكد أن الجانب الآخر أيضا، والذي يربي الضعف والخور عند أبنائه، أيضا يخدم هذه الظاهرة، لأن هناك متنمر وهناك ضحية، والحقيقة كلاهما ضحية تربية، يحتاج إلى التنبيه.
وظاهرة التنمر ظاهرة تزعج الناس في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك ينبغي أن تكون هناك حملة ومشروع، لعلاج التنمر الذي يحصل بين الطلاب في المدارس، والعنف الذي يكون بين الطلاب، وذلك بالتعاون مع مدراء المدارس وأساتذة المواد، وبإشراف جهة تقوم بالتوجيه بين الطلاب.
سعدنا بهذا السؤال من مدرس، ومن الوسائل التي يستطيع المدرس أن يتصدى بها لهذه الظاهرة:
- اكتشافه لمواهب الطلاب.
- بشغلهم قبل أن يشغلوك.
- بتوزيع المهام عليهم.
- بابتكار أنواع من التعليم كالتعليم التعاوني، والتعليم الذي فيه تبادل للأدوار.
- بتوجيه الطلاب الذين عندهم طاقة زائدة إلى ما هو نافع ومفيد.
- برفع الوعي بخطورة الظاهرة -ظاهرة التنمر والعنف-.
- بأن يكون المربي قدوة لهم.
- بزيادة قراءات المدرس وثقافته في هذا الجانب.
- بالتدرب على إدارة المواقف الصعبة وحسن إدارة الشجار.
- بالحرص على تنمية الروح الإيجابية بين الطلاب، وتنمية القيم والسلام المدرسي كما يسمى.
- باستدعاء المناعة الثقافية والشرعية، التي فيها معاني الأخوة في ظلال هذه العقيدة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
كذلك أيضا بنقل مشاعر الطرف المتضرر، وبيان أن الذي يؤذي الناس له العاقبة السيئة عند الله تبارك وتعالى، وأن جزاء سيئة سيئة مثلها، وأن من عفا فأجره على الله.
كذلك بعمل أنشطة جماعية لتفريغ الشحنات، وبعدم التسرع بوصف الطالب بأنه معتد وأنه متنمر، وبتوجيه الطلاب إلى مشاهدة ما هو نافع ومفيد، لأن مشاهدتهم لأفلام العنف تزيد من هذه الظاهرة، وتزيد من العدوان على الآخرين دون مبرر.
كذلك أيضا بأن نعلم الضعفاء بأن يكونوا على تواصل مع المدرسة، وألا يستسلموا لمن يريد أن يعتدي عليهم، بل نذكرهم بأن هناك قانون مدرسي يحميهم.
ومن الكتب المهمة التي نرجو أن يهتم بها كل حريص على علاج هذه الظاهرة:
- (مقياس التعامل مع سلوك التنمر) وهذا مهم للمعلمين، للدكتور مجدي محمد الدسوقي.
- كتاب (تجليات العنف) للدكتور عصام عبد الله.
- وكذلك (فنون التربية).
- (قواعد التربية بذكاء وفنونها).
- (كيف نربي أبنائنا دون ضرب أو صراخ)، وهذا من الكتب أيضا المهمة في هذه الناحية.
- كذلك منتدى التنمية له كتاب عن (ظاهرة العنف والتطرف) وبه مجموعة من الأبحاث والمناقشات في هذا المجال.
- كتاب (العنف الأسري) للباحثة الدكتورة منى يونس بحري.
- كذلك أيضا (كيف نحول المشاجرة إلى لغة تفاهم)، وهذا أيضا كتاب للأستاذة مشاعل البكري.
- كذلك أيضا من الكتب المهمة والمفيدة في هذا الجانب الكتب التي تتعلق بالوفاق الأسري وتنمية الجانب الإيجابي في العلاقات الأسرية.
- كذلك (العنف الأسري وأثره على الفرد والمجتمع) دراسة فقهية مقارنة، وهذا للأستاذ محمد أحمد حلمي.
إذا: هذه مجموعة من الكتب التي يمكن أن تعين في محاربة وعلاج هذه الظاهرة، ونسأل الله أن يعين المعلمين على علاج هذه الظاهرة وتجاوز هذه المشكلات التي تحصل وتحدث في مدارسنا بين طلابنا، ونسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، وأن يصلحنا جميعا، ويصلح الأحوال والنية والذرية.
هذا، وبالله التوفيق.