السؤال
السلام عليكم
أنا طالبة، وبعمر 18 سنة، منذ صغري وأنا معتمدة على الله ثم على ذاتي، وأما أهلي فإنهم ما ساعدوني إلا بأشياء معتادة، مثل الأكل والشرب والأمان، وأنا لا أستصغر ذلك منهم.
مرت الأيام وتعرضت لصدمة في حياتي، وأصبحت امتدادا لصدمات نفسية، ومنذ ثالث إعدادي، وعدت نفسي أن أكون من الأوائل، لأن درجاتي عالية، لكني ما وصلت للأوائل، وكنت مصممة على الوصول للأوائل بنظام روتيني، والأيام تدل على ذلك.
قبل أن أدخل لثالث إعدادي، أنظر الأخطاء التي تحصل وأقوم بحلها لأغير نتيجتي، وذلك كل سنة من حياتي الدراسية، وقد عملت ذلك بقوة في الإعدادي، لأني تعجبت من النتيجة.
دخلت ثالث إعدادي، والنتيجة 268 من 280، أي لست من الأوائل، وعشت في حالة نفسية، لدرجة أني كنت أفكر أن لا أدخل الفصل التالي، و-الحمد لله- عملنا أبحاثا بدل الامتحانات، واستمر الغضب، ولا أريد دراسة ثالث إعدادي وقلبي منكسر.
مرت الأيام وظهرت مشاكل كبيرة جدا في البيت، وبدأت تظهر شخصيات أهلي وإخوتي، وصرت أكتشف أمورا، وعشت في وسط مشاكل كبيرة، وبالأخص من الوالد، وكنت محتارة في الكلام بسبب المشاكل، ولا أعرف ما ذا أقول عن أبي وصفاته.
صرت أعمل أشياء سيئة (أؤذي نفسي)، ودخلت الثانوية العامة، وكنت غير مذاكرة، مع أني أحب الدراسة، ولكن فعلا حالتي النفسية كانت مكتئبة.
أنا محرجة من الكلام في أمور أشعر أنها لا يحسن الكلام فيها، مثل: تصرفات أبي وصفاته، وأفعاله، وأنا هدفي النجاح في تخصص طب أسنان، ولا أعرف كيف أصل لذلك!
لقد صرت أكره أهلي بسبب تصرفاتهم، فالوضع مأساوي، وأنا فعلا حالتي النفسية والمادية سيئة، وتواصلت مع جمعيات خيرية، وللأسف لا توجد مساعدة.
لا أعرف ماذا أقول، فبعض كلماتي صارت سيئة، وصرت أخاف أن أسيء إلى نفسي أكثر، ولا تزال عندي أمنية أن أدخل دراسة طب أسنان خاصة في بلدي، وأعيش مع أهل طيبين، وتوجد لدي رغبة في تخصص الطب النفسي، لكن لا أجد الاستطاعة.
أرجو أن تنظروا رسالتي وتفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشعر بما تمرين به من صعوبات ومعاناة، ونقدر جرأتك في التعبير عن مشاعرك وتجاربك، من الواضح أنك تواجهين ضغوطا نفسية شديدة، لديك رغبة قوية في تحسين حالتك النفسية وتحقيق أحلامك.
تحدثت عن تجارب صعبة مع عائلتك، وشعور بالإحباط بسبب عدم تحقيق الأهداف الأكاديمية المرجوة، هذه التجارب يمكن أن تسبب ضغوطا نفسية مثل القلق والاكتئاب، من المهم جدا التعرف إلى هذه المشاعر، والتعامل معها بشكل مناسب.
بما أن الوصول إلى خدمات نفسية مدفوعة قد يكون صعبا بالنسبة لك، يمكن البحث عن مراكز دعم نفسي مجانية أو منخفضة التكلفة، كما يمكن التفكير في مشاركة مشاعرك مع شخص تثقين به، مثل معلم، مرشد دراسي، أو صديقة مقربة، لأن التحدث عن مشاكلك يمكن أن يخفف من وطأتها.
من المهم أيضا العثور على مصادر الدعم والسلوى في الإيمان والتعاليم الإسلامية، مثل الصبر والدعاء قال الله تعالى: (إن مع العسر يسرا) (الشرح 6). هذه الآية تذكرنا بأن مع كل صعوبة تأتي الفرج والتسهيل، ولن يغلب عسر يسرين، وكذا الاستعانة بالصلاة والصبر، ﴿وٱسۡتعینوا۟ بٱلصبۡر وٱلصلوٰةۚ وإنها لكبیرة إلا على ٱلۡخـٰشعین﴾ [البقرة ٤٥].
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدك تطوير روتين يومي، يشمل النشاطات التي تجلب لك السعادة والراحة النفسية، مثل: القراءة، الرسم، الرياضة، أو حتى المشي في الطبيعة.
إذا كنت تشعرين بأفكار تؤذي نفسك، فمن الضروري جدا طلب المساعدة الفورية، يمكنك التواصل مع خطوط المساعدة النفسية في بلدك، التي توفر دعما ومشورة.
من المهم التعامل مع نفسك بلطف وتفهم، والتسامح مع نفسك عند مواجهة الصعوبات، السعي لتحقيق الأحلام، مثل: دراسة طب الأسنان يحتاج إلى الصبر والعمل الجاد، وأنت تمتلكين القوة داخلك لمواجهة هذه التحديات وتحقيق أهدافك.
أود أن أؤكد على أهمية سلامتك وقيمتك العظيمة، مشاعر اليأس والألم التي تشعرين بها مؤلمة وصعبة جدا، لكن من المهم تذكير نفسك بأن هذه المشاعر مؤقتة، ويمكن التغلب عليها مع الوقت والدعم المناسب.
أرجوك بشدة أن تبحثي عن الدعم الفوري، يمكنك الاتصال بخطوط الدعم النفسي المحلية، أو زيارة المستشفى القريب للحصول على المساعدة العاجلة، ليس عليك التعامل مع هذه المشاعر بمفردك، وهناك أخصائيون مدربون يمكنهم توفير الدعم والرعاية اللازمين لك.
الإسلام يعلمنا البحث عن السلوى والأمل في رحمة الله، ﴿ قلۡ یـٰعبادی ٱلذین أسۡرفوا۟ علىٰۤ أنفسهمۡ لا تقۡنطوا۟ من رحۡمة ٱللهۚ إن ٱلله یغۡفر ٱلذنوب جمیعاۚ إنهۥ هو ٱلۡغفور ٱلرحیم﴾ [الزمر ٥٣]. ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به...) (متفق عليه)، هذا يعني أنه يجب علينا السعي للعيش والتغلب على الصعاب بصبر واستعانة بالله.
من المهم تذكير نفسك بأن لديك القدرة والقوة على تحسين حياتك، حتى في أصعب الأوقات، هناك أمل وإمكانية للتغيير والشفاء، حياتك ثمينة ومهمة، وهناك دائما إمكانية لمستقبل أفضل.
نسأل الله لك العافية والنجاح دوما.