السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل مسلم، محافظ، غير متزوج، اضطررت للعمل في مجال السياحة كطبيب، وأحاول الابتعاد عن الفتنة قدر المستطاع، وأبحث عن عمل آخر الآن للخروج من هذا المكان، تعاملت مع فتاة مسلمة غير عربية، نشأت في مجتمع مختلط كالغرب تماما، لا يحافظ على قواعد الإسلام، من صلاة، وصيام، وبعضهم يشرب الخمر.
لم يعلمها أحد شيئا، وعندما كبرت، وبحثت في الدين، شعرت بفقدان المعنى في حياتها، وندمت على الأفعال الماضية، وبدأت الآن تبحث، وتلتزم، وتصلي، وتتقرب إلى الله، ولكنها غير محجبة، ومعجبة بي.
سؤالي: هل الزواج منها له ثواب إذا أمرتها بالحجاب، وترك عملها في قسم الاستقبال؟ هل ما يختلج صدري من الضيق، من ظروف وسطها قديما سيختفي عند التزامها، أم سيكون عائقا في زواجنا؟
عذرا على الإطالة، ولكني حائر، فأنا أبحث عن فتاة متدينة تشد من أزري في حياتي، وتعينني على الطاعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك أولا -أيها الحبيب- حرصك على إنقاذ هذه الفتاة، وإعانتها على الطاعة، وهذا من حسن إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك صلاحا وتوفيقا.
وقد أصبت أولا -أيها الحبيب- حين علمت بأنه لا بد أن تخرج من هذه الأوساط والبيئة التي تعيشها؛ لما فيها من المنكرات، فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، كما قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فاحرص على أن تنأى بنفسك عن مواطن الفتن؛ فإن أغلى ما يملكه الإنسان في هذه الحياة دينه، فالدين رأس المال، فاستمسك به، واهرب بدينك لبلد آخر.
وما دمت تخاف على نفسك الوقوع في بعض المعاصي، أو التفريط في بعض الواجبات بسبب البيئة التي تعيش فيها، فينبغي أن تحرص كل الحرص على تغييرها وتبديلها.
وأما ما ذكرته بشأن الزواج بهذه الفتاة:
فإذا كانت بالأوصاف التي ذكرتها من الندم على ماضيها، والحرص على التغيير، وتعلم ما يجب عليها، وهي سائرة في هذا الطريق، بحيث تبحث، وتتعلم، وإذا تعلمت شيئا من الواجبات فعلته، وإذا تعلمت شيئا من المحرمات اجتنبته، فإذا كانت بهذا الوصف، مع وجود الميل منك إليها، ومنها إليك: فنصيحتنا لك أن تتزوجها، وسيكون لك في إعانتك لها على الطاعة، والبر، والإحسان خير كثير؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، ومن أعظم العون هو العون على إصلاح الدين، والنجاة من أسباب سخط الله سبحانه وتعالى.
ولكن نصيحتنا لك ألا تتزوج منها إلا إذا التزمت بالحجاب، وهذا أمر سيكون مقياسا أيضا لمدى التزامها، وصدقها في تدينها.
أما ما مضى من حياتها فإنه لن يشكل عائقا -بإذن الله- إذا كانت صادقة في توبتها، وظهرت عليها آثار الندم لما كان في الماضي؛ فكل الناس، أو أغلب الناس عاشوا فترات من حياتهم في تيه، وضياع، وضلال، ثم إذا من الله تعالى عليهم بالهداية صلحت أحوالهم وتبدلت أوضاعهم، وانتقلوا من حال إلى حال، ولا يخفى عليك حال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كانوا عبادا للأصنام، ثم نقلتهم التوبة والإسلام إلى أن صاروا أولياء لله سبحانه وتعالى، وخير هذه الأمة بعد نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجري الخير على يديك، وأن يوفقك لكل خير.