رغم حبي الكبير لوالديّ إلا أنني لا أستطيع الحديث معهما بعفوية!

0 30

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع النافع، لقد ساعدني كثيرا في حل بعض المشكلات، جعله الله في ميزان حسناتكم.

سؤالي بخصوص أبوي -بارك الله فيهم- فالحقيقة لا أجد كلمات تسع مقام أمي وأبي؛ فقد ضحيا كثيرا، وتحملا كثيرا، وبذلا كثيرا لأجلي أنا وأخواتي.

لكن مشكلتي أنه مع حبي الكبير لهما لا أستطيع التعبير عن حبي لهما، ولا حتى تسليتهما والحديث معهما بعفوية كما أتحدث مع أخواتي وصديقاتي؛ خصوصا مع أبي، فأنا أتجنب أن أركب معه في السيارة وحدي؛ لأنني لا أجد ما أتحدث فيه، وأحاول أن أفتح مواضيع، لكنها لا تدوم طويلا، ويرجع السكون في السيارة؛ فأشعر بعدم ارتياح، وأشعر أن أبي أيضا غير مرتاح؛ لأنه يحب أن يتكلم، ولديه الكثير ليتكلم فيه.

المشكلة أنني عندما أتحدث معهما عن مشكلة -على سبيل المثال- واجهتني في الجامعة أو ما شابهه، فأرى أنهم سعداء بأنني أشاركهم ما يحدث معي، فأحزن لأني لا أفعل هذا كثيرا، وأنني فاقدة لنصائحهم الثمينة.

لا أدري هل هذا خجل أم ماذا؟ أريد أن أكون صديقة لهم، أتحدث معهم عن يومي، وأحكي لهم بعفوية دون أن أفكر مائة مرة ماذا أقول!

أرى كثيرا من الفتيات تتصل على أبيها أو أمها، وتتحدث معه كأنه أخوها أو صديقتها بدون أي تعب! هذا الموضوع قد أرهقني جدا، وأشعر أنني غير بارة بهم لهذا السبب.

أعتذر على الإطالة، وأرجو أن تسامحوني على الأخطاء الإملائية.

أشكركم على وقتكم وجهودكم بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والثناء على والديك، والحرص على برهم، نسأل الله أن يعينك على الخير.

نحن سعداء بفكرة السؤال، ونعتقد أن الوالدين سعداء بك، ونسأل الله أن يديم هذه السعادة، ونحب أن نؤكد أن مشاركة الوالدين في هموم الأبناء أو الاشتراك معهم في بعض القضايا المهمة للأسرة، من الأمور التي تزيد الود وتزيد التفاهم بين أفراد الأسرة، ونتمنى أيضا أن تحاولي مناقشة الوالدين في مستقبل إخوانك، وفي الأمور التي تفرحهم، في الأمور التي مرت عليهم.

ومن المهم أن نسأل الآباء والأمهات عن ذكرياتهم في الطفولة، المواقف التي مرت بهم، وهذا يجعلهم يتكلمون، ولعل هذا هو الجانب المفيد جدا الذي يحتاجه الصغار من الكبار، نحتاج أن نعرف مراسيم الحياة في زمانهم، المواقف التي تأثروا بها، النصائح التي استفادوا منها، من الذي أثر عليهم في حياتهم؟ مثل هذه الموضوعات إذا أثرناها أمام الآباء والأمهات؛ فهم يشاركون فيها ويسعدون بها.

وأرجو أن لا تحزني إذا كان ليس هناك مواد تناقشينها طالما كان الرضا موجودا، وطالما كان التفاهم -ولله الحمد- حاضرا، والدليل على ذلك هذا الثناء العاطر الذي ذكرت به والديك والاعتراف بفضلهم، وبما قاموا به تجاهك وتجاه إخوانك، وهذا دليل على اعترافك بالفضل لهم، وهذا مما يدفع للبر، فأكثري من الدعاء لهم، واجتهدي في معرفة الأمور التي تسرهم وتسعدهم.

ولا تقارني نفسك بالأخريات؛ فنمط الناس مختلف، وطرائق تنشئتهم مختلفة، وليس ما يظهر لنا من حديث الآخرين مع آبائهم ومع أمهاتهم، هذا لا يدل على أن هناك برا؛ فربما يكون هذا الحسنة الوحيدة، لكن الواضح أنكم أسرة -ولله الحمد- بينكم تفاهم، أي الفكرة التي نريد أن نوصلها مجرد المقارنة مرفوض؛ لأن المقارنة فيها ظلم، فكل إنسان أسرته تختلف عن الأسرة الأخرى، وطريقة إسعاد الوالدين تختلف من بيت إلى آخر، ولكن ما أنتم عليه من الاعتراف بفضل الوالدين، وهذا الهدوء والثناء على الوالدين، وتذكر ما قاموا به، هذا كله من دلائل البر، وأرجو أن يذكر هذا أيضا أمام الوالد والوالدة.

بالإضافة إلى سؤالهم عن تجاربهم التي مروا بها؛ لأن هذا الجانب الذي يسكت عنه الوالد وتسكت عنه الوالدة مفيدة جدا للأبناء والبنات -نسأل الله أن يديم مشاعر البر- واستمري في محاولة طرح مواضيع مشتركة تجعل الوالد يتكلم، وتجعل الوالدة تتكلم معك، وكما ذكرنا بعضهم يهتم بالمواضيع التراثية، بعضهم له اهتمامات أخرى، ودائما إذا أردنا الإنسان أن يتكلم نسأله عن اهتماماته، أي لو أن الوالد مهتم بالقرآن فعندما نتكلم عن القرآن سيتكلم، لو أنه يهتم بالرياضة نتكلم عن الرياضة فيتكلم، لو أنه يهتم بالعمل والوظيفة نسأله عن وظيفته فيتكلم.

فأي إنسان إذا أردناه أن يتكلم فينبغي أن نعرف الأمور التي يهتم بها، وهذه مهارة لا أعتقد أنها ستكون صعبة عليكم، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات