السؤال
دائما أحرص على عدم إظهار أي عمل صالح لي أمام أحد، حتى أبتعد عن شبهة الرياء، لكن دائما أشعر أني أنافق بين ربي وبين نفسي، مثلا ألتزم بالصلاة وبالطاعات من أجل قضاء حاجة لي، ودائما ما أحبط وأكتئب بسبب هذا الشعور.
الخوف يتملكني من أني لا ألتزم بأي طاعة من أجل ربي، سواء الصلاة، ذكر الله، حفظ القرآن، محاولة معاملة الناس بالحسنى، أي عمل أشك به وأشعر بأن الله لن يقبل عملي، لأنه ليس خالصا لوجهه، ومن أجل طاعته، وإنما لمصلحة لي.
انصحوني بنصائح تقويني على نفسي الأمارة بالسوء، فوالله إنها معركة ضارية أخاف أن أغلب فيها.
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك إخلاص النية لله، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، ونوصيك - أيها الحبيب - بالإكثار من دعاء الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك الدعاء الذي علمه النبي (ﷺ) لأبي بكر أن يقوله صباحا ومساء: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم).
خوفك من الوقوع في الرياء - أيها الحبيب - خوف حسن مطلوب، فإن المؤمن يخشى دائما على نفسه من الوقوع في الرياء، فلا يأمن الرياء إلا أهل النفاق، وهذه الخشية وهذا التخوف من الرياء يبعث على مزيد من الإخلاص والحفاظ على الأعمال الصالحة، وأنت قد وفقت لشيء من هذا، وذلك بحرصك على إخفاء أعمالك، والله سبحانه وتعالى ندبنا في القرآن إلى إخفاء الأعمال التي لا يريد الشرع منا إظهارها، فقال سبحانه وتعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [البقرة: 274]، فبدأ بالليل قبل النهار والسر قبل العلن، وقال النبي (ﷺ): (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).
الأعمال التي لم يشرع الله سبحانه وتعالى أن تكون علانية الأفضل أن تكون سرا، ما دام الإنسان يخاف على نفسه الرياء، فهذا من توفيق الله تعالى لك، فداوم عليه، واحذر من أن يحاول الشيطان إيقاعك في الحزن والاكتئاب، بسبب ما يحاول أن يخوفك به من أنك إنما تفعل الطاعات لأنك تريد من الله سبحانه وتعالى عطاء وخيرا، فهذا القصد لا يؤثر في إخلاصك، فإن طلبك من الله سبحانه وتعالى خير الدنيا وخير الآخرة لا ينافي الإخلاص أبدا، فإن الخوف من الوقوع في العذاب والطمع في الثواب من البواعث التي أقرها القرآن للأعمال الصالحة، {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} [الزمر: 9].
عندما يكون باعث الإنسان بالعمل الصالح هو رجاء رحمة الله تعالى وخيره وفضله في الدنيا والآخرة، والطمع في أن ينجيه الله تعالى من المهالك والمضار في الدنيا والآخرة؛ فإن هذه المصالح وطلبها من الله وانتظارها منه -سبحانه- لا ينافي الإخلاص.
احذر من أن يتسلط عليك الشيطان ويزهدك في الطاعات أو يقطعك عنها بمثل هذه الوساوس، ونصيحتنا لك أن تتعلم دينك، فطلب العلم الشرعي بصيرة يستضيء بها الإنسان في أداء مهامه والقيام بعباداته.
نصيحتنا لك أن تجعل جزءا من وقتك لتعلم الدين والتفقه في الشرع، والدروس التي تستعين بها في ذلك كثيرة جدا لأهل العلم، فنصيحتنا لك أن تستمع إلى الدروس المتعلقة بالإيمان والإخلاص للعلماء الكبار، مثل الشيخ العثيمين، وله موقعه، والمواد مسجلة على موقعه، ومثل موقعنا هذا، فإن فيه الكثير من الخير والعلم النافع.
كما ننصحك أيضا باتخاذ الرفقة الصالحة من طلبة العلم والصالحين، وكثرة المجالسة لهم، فإنهم خير من يعينك على الاستمرار على العمل الصالح، وفوق هذا الاستعانة بالله واللجوء إليه دائما، بأن يعينك، فإننا نقرأ في كل ركعة قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.