السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من وسواس قهري شديد، ينتقل بشدة، والآن أعاني من وسواس التكفير والتحليل والتحريم، والأسئلة، فمثلا أي سؤال طرح لي يجب أن أبحث عنه، وكلما رأيت تقريبا شيئا في مقطع ما أتساءل: هل هو حلال أو حرام؟ وأبحث عنه، وإن لم أجده أجتهد حسب ما تعلمته، وأحيانا أبحث عن أسئلة عقدية، وفي موضوع التكفير: كلما رأيت -تقريبا- شخصا، غالب الظن أفكر هل علي تكفيره أم لا؟
هل العلماء مثلا الذين نقرأ عنهم في العلوم هل ينبغي التوقف في تكفيرهم أم لا؟ خاصة أنهم لم يعرف دينهم كذلك، وهل القرآن ينفع بذاته؟ وهل شهدت الملائكة خلق آدم عليه السلام؟
كل هذه أسئلة تدور في خلدي، وأرجو الإجابة عليها، والمشكلة أنه حتى ما أكون متيقنة من أنه حرام أو حلال، أجد صعوبة في التيقن منه، وأشعر أنني أشك في الأمر، وأظل أؤكد على الأمر مرارا وتكرارا!
أريد أن أسأل: هل هذه وساوس؟ وكيف أتجاهلها؟ لأني أخاف أن أكفر بسبب اعتقاد خاطئ أو تحليل أو تحريم، وهل مهما خطر علي سؤال لا أبحث عنه؟ لأنني كنت قد فعلت ذلك من قبل لكني وقعت في أخطاء شديدة، لأني اجتهدت، لا أعرف ماذا علي أن أفعل أو كيف أفكر! وهذه الأيام أشعر أنني بضيق شديد، وكأنني على حافة جنون!
أرجو ألا تتجاهلوا أسئلتي أو التفاصيل أو الرسالة عموما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى عاجل العافية والشفاء، وقد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين أدركت أنك مريضة، وأنك مصابة بداء ومرض الوسوسة، والإقرار بهذا، ومعرفة أن الإنسان مصاب بشيء هو في الحقيقة جزء من العلاج، لأنه يسهل عليه حينها أن يصبر على تعاطي الدواء الذي به يزول هذا المرض -بعون الله تعالى-، فإن أقدار الله يدفع بعضها بعضا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، وقال في حديث آخر: تداووا عباد الله.
الوساوس أيتها -البنت الكريمة- ليس لها دواء أفضل، ولا أنفع ولا أمثل من الإعراض عنها، فإنه الدواء الناجع القالع لها بعون الله تعالى، وقد كانت هذه هي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أصيب بشيء من الوساوس، قال: (فليستعذ بالله ولينته)، فالانتهاء عن الاسترسال معها، وعدم التعاطي في البحث عما تمليه الوسوسة من أسئلة واستفسارات، وصرف الذهن عن التفكير فيها إلى التفكير في أي شيء آخر، مما فيه نفع ديني أو دنيوي، هذا الإجراء هو الإجراء الصحيح والعلاج النافع.
يبقى بعد ذلك أن يستعين الإنسان -بالله سبحانه وتعالى- ليفعل هذا، وأن يستفيد من إرشادات الأطباء في كيفية التدريب والإجراء السلوكي، لتنفيذ هذه الوصية، وستجدين إن شاء الله في الاستشارات لدينا عددا من الاستشارات، والتي فيها نصائح سلوكية من الأطباء النفسيين، في كيفية التعامل مع النفس ليحصل هذا الإعراض عن الوساوس، لا علاج لك أنفع من هذا -ابنتنا الكريمة-.
من جملة الدواء أيضا الذي ورد في هذا الحديث الاستعاذة بالله تعالى كلما داهمتك هذه الأفكار، فبادري أنت بالاستعاذة بالله، والاستعاذة معناها طلب الحماية من الله، وداومي مع ذلك كله على الإكثار من ذكر الله، فإن ذكر الله تعالى حصن يتحصن به الإنسان المؤمن من شرور الشياطين ومن شرور بني آدم، فداومي على هذه الوصايا الثلاث، وستجدين المنفعة والفائدة بعون الله تعالى، نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه.
إذا علمت هذا كله؛ فإنه سيسهل عليك بعد ذلك أن تعلمي جواب كل هذه التفصيلات التي ذكرتها في سؤالك، فالعلاج -إذا كنت فعلا تريدين إراحة نفسك-، هو ترك الخوض في هذه المسائل كلها، وأفظعها مسائل التكفير والحكم على الآخرين بأنهم كفار ومسلمون، فإن هذا الأمر لا يعنيك أولا، ثم هو أصلا باب إلى مزالق كبيرة، فإن الخطأ في الحكم على الناس بالكفر أمر عظيم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبك كل سوء ومكروه.