أختي تراودها أفكار عن نفسها وسبب وجودها.. كيف نعالجها؟

0 287

السؤال

السلام عليكم، أختي راودتها منذ 3 سنوات أسئلة حول الذات الالهية والوجود؛ مما أدى بها إلى المرض ولكن والحمد لله تجاوزت هذه المحنة أشد إيمانا وتشبثا بالدين.

لكن منذ 3 أشهر عاودتها أفكار أخرى: من أنا؟ لماذ أنا هنا؟ فأصبحت تعيش حالة من الشك والقلق، وتأتيها هذه الأفكار يوميا، في فترات عديدة؛ فساءت حالتها أكثر فأكثر حتى وصلت إلى الانهيار أحيانا!

أستحلفكم بالله! أريد تدقيقا لهذه الحالة، وتفصيلا لطرق علاج هذه الأفكار.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ هارون حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالوصف الذي أوردته في الرسالة فيما يخص الأعراض التي تعاني منها الفاضلة أختك، هي حقيقة تدل أنها مصابة بأفكار وسواسية، أو ما يسمى بالوساوس القهرية الفكرية، وهي حقيقة أفكار متسلطة وسخيفة، وتسبب الكثير من الألم النفسي للإنسان، ويعتقد أن هذه الأفكار تحدث للأشخاص الحساسين، وكذلك الأشخاص المثاليين، أو الذين يبحثون نحو المثالية.

ويعتقد أيضا أن هنالك اضطراب في بعض الإفرازات الكيميائية الموجودة بالدماغ، وأكثر مادة دار حولها البحث هي مادة تعرف باسم سيرتونين؛ حيث يعتقد أن هنالك عدم انتظام في إفراز هذه المادة، مما يؤدي إلى هذه الوساوس القهرية، والوساوس يمكن أن تكون في شكل أفكار أو شكوك، أو أفعال طقوسية أو مخاوف أو تردد، أو الخوف من الأوساخ... وهكذا.

الوساوس القهرية يمكن أن تعالج بصورة ممتازة وذلك بفضل الله تعالى، وهنالك طريقتين للعلاج: الأولى هي الطريقة السلوكية، والثانية هي العلاج عن طريق الأدوية، ولا بد للإنسان أن يأخذ بالطريقتين في نفس الوقت؛ حيث أن الأبحاث تدل أن العلاج السلوكي إضافة للعلاج الدوائي، يتأتى عنها إن شاء الله نتائج علاجية إيجابية ممتازة.

العلاج السلوكي يتمثل في الآتي:
أولا: على أختك أن تحاول أن تفهم أن هذه الأفكار هي أفكار وسواسية، ولا تدل مطلقا على وجود هلاوس أو مرض عقلي.

ثانيا: عليها أن تحقر هذه الأفكار، وتقول مع نفسها أن هذه الأفكار أفكار حقيرة، ويجب ألا أعطيها مجالا إلى نفسي.

ثالثا: عليها حين تأتيها الفكرة أن تربط هذه الفكرة باستشعار مخالف كإيقاع الألم بنفسها، ويمكنها أن تقوم بالضرب على يديها على جسم صلب حتى تحس بألم شديد، ومع الشعور بالألم تفكر في الفكرة الوسواسية، إذن هنا الربط ما بين الفكرة الوسواسية والألم؛ هذا إن شاء الله يضعف الفكرة، وهذا التمرين يتطلب التكرار ويتطلب الاقتناع بأنه مفيد.

الطريق الرابعة: هي أن تستبدل كل فكرة وسواسية بالفكرة السوية المضادة لها، كل ما يأتيها من وساوس سوف تجد أن هنالك فكرة صحيحة وسوية مقابلة لهذه الفكرة، تكرر هذه الفكرة – الفكرة السليمة – عدة مرات، هذا إن شاء الله يؤدي إلى تقلص هذه الأفكار.

الأسئلة الوسواسية مثل: من أنا.. هي أيضا تنتاب الناس وتحمل الطابع الفلسفي لدرجة كبيرة، ولكن على الإنسان أن يحقرها، حين تقول: من أنا؟ تقول: أنا فلانة وليس أكثر من ذلك، تكرر ذلك مع نفسها، هذا إن شاء الله يضعف هذه الأفكار كثيرا.

أما العلاج الدوائي فالحمد لله تعالى توجد الآن عدة أدوية مضادة للوساوس، والأدوية التي تستعمل في علاج الواسوس هي في الأصل أدوية اكتشفت لعلاج الاكتئاب النفسي، ولكن وجد أنها أيضا لديها فعالية قوية ضد الوساوس.

من الأدوية التي نستخدمها العقار الذي يعرف باسم زولفت، وهنالك عقار يعرف باسم فافرين، وهنالك عقار ثالث يعرف باسم بروزاك، وهنالك عقار رابع يعرف باسم سبرلكس، وهنالك عقار خامس يعرف باسم زيروكسات، ومن الأدوية القديمة أيضا يوجد عقار فعال يعرف باسم أنفرانيل ولكن لا يخلو من بعض الآثار الجانبية، في حين أن المجموعة التي ذكرتها من الأدوية أولا هي أدوية حديثة وفعالة ولا تسبب آثارا جانبية مضرة.

أرجو أن تبدأ هذه الأخت بتناول البروزاك، تتناوله بمعدل كبسولة واحدة يوميا بعد الأكل، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى كبسولتين وتستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم ترفعها إلى ثلاث كبسولات في اليوم، يمكن أن تأخذ واحدة في الصباح واثنتين في ليلا، وتستمر على الـ 60 مليجراما – أي الثلاث كبسولات – يوميا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تبدأ في تخفيضها بمعدل كبسولة كل شهرين.

هذا علاج فعال وناجع وممتاز، وإن شاء الله سوف تشعر أختك بفائدة عظيمة مع هذا العلاج؛ خاصة إذا طبقت والتزمت بالإرشادات السلوكية السابقة.

أنا على ثقة تامة -بإذن الله- أنها سوف تشفى من هذه العلة، والحمد لله الذي جعلها ملتزمة وقوية الإيمان، وهذا في حد ذاته رصيد عظيم للإنسان.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات