السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبي دائما يقول لي ألفاظا سيئة، ويشتمني بأمي، وآخر مرة كان يتكلم معي في الهاتف، فشتمني بأمي، وكان يقول إنه يمزح، لكنه منذ تزوج أمي وهو يقول كلاما سيئا عنها، وأمي لا تستحق كل هذا الأذى منه؛ لأنها تتحمل مسؤوليتي أنا وأختي، وهو لا ينفق علينا، والأهم من كل ذلك أنه يسب الدين، ويغتاب الناس، ويشتم أناسا أعرفهم شتائم سيئة جدا، فماذا أفعل؟ كيف أتصرف؟
في آخر مكالمة بيني وبينه أقفلت الخط في وجهه؛ لأنه شتمني بأمي، وأعاد الاتصال بي، فقلت له: لا تشتمني بأمي، فقال: إنه يمزح، وأقفل الخط في وجهي.
أفيدوني أثابكم الله، ماذا أفعل معه؟ وهل أنا علي ذنب إن أقفلت الخط في وجهه؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحمد لله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يعينك في شهر الصيام على بر والديك والصبر على الوالد؛ فإن الصبر على الوالد جزء من البر به، ونسأل الله أن يهديه إلى الحق، وأن يهديه إلى أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.
ونحن سعداء جدا بهذا التواصل مع الموقع، ونحب أن نؤكد أن البر عبادة لله تبارك وتعالى، لا علاقة له بتقصير أب أو أم؛ لأنك تفعلين ما يرضي الله تبارك وتعالى، وما يحصل من الوالد لا يمكن أن يقبل، لكنه لا يضر الوالدة، فإنه يعطيها من حسناته، وأنت - ولله الحمد - على علم بوالدتك وما عليها من الخير، وما تقوم بها من واجبات.
فلذلك أولا: لقد أحسنت برفضك لهذا الأسلوب، ولكننا لا نؤيد مسألة قفل الخط في وجهه، يكفي أن تحسني الاستماع وتختصري الوقت، وتثني على والدتك بما هو خير لها، وبما هي أهل له، وتحاولي أيضا ألا تردي على الوالد أو تسيئي إليه، فالإمام مالك جاءه رجل قال: أبي يأمرني وأمي تنهاني، فقال: (أطع أباك، ولا تعص أمك).
فالشريعة تريدك أن توازني بين الأمرين، والأب وإن قصر فسيحاسبه الله، لكنه يظل أبا، ونحن كما قال ربنا العظيم: {وإن جاهداك علىٰ أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} ثم قال بعدها: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.
حق هذا الوالد الصحبة بالمعروف وإن قصر، وما بينه وبين الوالدة هذا أمر ينبغي ألا تتدخلوا فيه، وألا تتأثروا به، لدرجة أنك تسيئين لهذا أو لهذا، وأنت ولله الحمد على خير كثير.
فالوالد إن اغتاب الناس أيضا أو سب الدين - عياذا بالله كما تشيرين- أو شتم الناس بشتائم لا تليق، وأنت تعرفين فضلهم، فعليك أن تذكريه بأنه يعطيهم من حسناته، وأنك لا تحبين هذا الأسلوب، لكن إذا تمادى ليس لك إلا أن تستغفري له، وتدعي الله تبارك وتعالى أن يهديه، ونحن كما قلنا الإنسان في هذه الأحوال يحتاج إلى أن يوازن، ونسأل الله أن يهدي هذا الوالد إلى الحق والخير والصواب.
فمرة أخرى نكرر: لا تحاولي إغلاق الخط في وجهه، ولكن حاولي اختصار المكالمة، والاعتذار له بأنك مشغولة أو كذا، عندما يبدأ يخرج من الأمر المهم، وهو السؤال عنكم والسؤال عنه.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لما يحبه ربنا ويرضاه، ونحن سعداء بهذا الحرص على الخير، والدتك مقامها مرفوع، واحذري أن تنقلي ما تسمعين للوالدة أو العكس؛ فإن هذا مما لا يصلح، وإذا أردت أن تنقلي فانقلي أحسن ما عندهم؛ حتى لا تحزن الوالدة، أو لا يحزن الوالد، ونسأل الله أن يعينك على الخير.