كيف أتخلص من الأفكار السلبية والتشاؤم والخوف؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ الصغر وأنا أعاني من السلبية والتشاؤم بعد أن رأيت جارتنا وهي ميتة لأول مرة، وأصابني الخوف من هذا المشهد، وصرت أخاف من الموت، وأربط كل شيء به، بعد تجارب وعلم تخطيت مسألة الخوف من الموت، ولكن في تلك الفترة كنت كثير التحدث مع نفسي، ولا أتحدث كثيرا مع أهلي.

دائما كنت في حديث نفس مع حالي، كنت اجتماعيا وأمارس نشاطات رياضية، تركت الجامعة منذ السنة الأولى، وليس لأسباب نفسية، في 2022م أصابتني نوبات هلع وقلق، وبعدها صرت لا أحب الاختلاط مع الناس، ويحدث لي توتر جسدي وقلق، أخاف من الأمراض، وأفكر فيها، وأبحث عن كل عرض عبر الانترنت، وأفكر طول اليوم في الأمراض.

أصبح الأمر مزعجا ومقلقا، وأكثر ما أعاني منه السلبية والأفكار المزعجة، بعد ذلك تعلمت البرمجة العصبية، وصرت أردد كلمات إيجابية، فجأة بدأت أسمع كلمات من مجموعة أشخاص بين نساء ورجال في جانب أذني اليمنى، وأكثرها عندما أكون متوترا أو داخل الحمام، ولكن هذه الأصوات ليست مثل الأصوات المعروفة، هي أعلى من حديث النفس، وأقل بكثير من الصوت المعروف والحقيقي، أحيانا تكون مثلما أسمعه خلال اليوم من كلمات مثل صدى الكلمات، وهي ليست جملا كاملة، بل هي كلمات متقطعة.

في 2023م بعد الحرب التي قامت ببلدي، أصبحت أحلامي تكون مثل ما يحدث خلال اليوم، وتعتريني خطرات، مثل أنني قد أتسبب في أذية أحد أو العكس، ولكنها لا تتعدى الثانية مع قلق.

لا أعلم ما هذا المرض، ولا زلت أمارس الرياضة ولم أفقد شهيتي، وأنام ٦ ساعات أو ٧ ساعات، وقرأت عن الفصام، وأصبحت أفكر فيه كثيرا لدرجة أصابني القلق منه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجاهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

أنا أؤكد لك منذ البداية أن حالتك هذه لا علاقة لها بمرض الفصام أبدا، الذي تعاني منه هو نوع من القلق النفسي، والذي يعرف باسم (قلق المخاوف) الذي يبدو لي هو أنك أصلا لديك استعداد لهذا النوع من القلق، قلق المخاوف، وحديث النفس والوسوسة حول بعض الأمور، وهذا لا نعتبره مرضا نفسيا حقيقيا، إنما هي ظاهرة نفسية، وليس أكثر من ذلك.

أيها الفاضل الكريم: رحلتك مع هذه الأعراض تدل على أنك بالفعل تعاني من قلق المخاوف، وطبعا الخوف من الموت شيء أصيل في النفس البشرية، والموت عظة، ومن لم يتعظ بالموت فلا واعظ له.

الخوف من الموت هو أمر طبيعي، لكن الإنسان حين يتفهم حقيقة الموت على أصوله الشرعية -إن شاء الله تعالى- الخوف من الموت يصبح خوفا إيجابيا، وتكون قناعة الإنسان مطلقة بأن الموت آت ولا شك في ذلك، والإنسان يسأل الله حسن الخاتمة، ويسعى دائما أن يكون مستعدا للقاء ربه، وفي ذات الوقت يستمتع بحياته، ويكون نافعا ويكون مفيدا.

الحمد لله أنت قد تجاوزت تلك المرحلة، وبقي لديك هذه الأعراض (التوتر، والقلق، وكما تفضلت أنك قد تسمع صدى الكلمات التي ترددها، وتظهر في شكل كلمات متقطعة)، هذه ليست هلاوس حقيقية، إنما هو نوع من الهلاوس الكاذبة.

حالتك -إن شاء الله تعالى- لن تدفعك أبدا لأن تتسبب في أذية أحد، ولن تؤذي نفسك أبدا، فأنت إنسان شاب مسلم، أمامك -إن شاء الله تعالى- مستقبل جيد وإيجابي، فقط عليك أن تسعى، عليك أن تطور مهاراتك في الحياة، عليك أن تبحث عن العمل، القراءة، الاطلاع، الحرص على العبادات، صلة الأرحام، حسن التواصل الاجتماعي، حسن إدارة الوقت، ممارسة الرياضة، التغذية السليمة.

هذه كلها أشياء متوفرة في حياتنا على النطاق اليومي، ومتى ما مارسناها على أصولها سترتقي أنفسنا، وسنتخلص من القلق؛ لأن القلق سيتحول من قلق سلبي إلى قلق إيجابي، وكذلك الخوف، وكذلك الوسوسة.

اجعل لنفسك نصيبا من حسن إدارة حياتك، وستجد -إن شاء الله تعالى- أن الأعراض قد اختفت تماما.

الفكر السلبي - أيا كان - على الإنسان أن يحقره، ويستدعي الفكر الإيجابي ليصرف انتباهك عما هو سلبي، وهكذا تكون إدارة الحياة على أحسن ما يكون.

أيها الفاضل الكريم: أنا أريد أيضا أن أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، هنالك عدة أدوية، من أفضلها عقار (سيبرالكس) وهذا هو اسمه التجاري، ويسمى علميا (اسيتالوبرام).

الجرعة بسيطة في حالتك، تبدأ بنصف حبة، من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تتناول جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم تجعل الجرعة حبة واحدة يوميا - أي عشرة مليجرام - لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما يوميا، تتناولها كجرعة واحدة، استمر عليها لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا كجرعة وقائية، وهذه استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعل الجرعة خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، وبعد ذلك اجعلها خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن الدواء تماما.

يتميز السيبرالكس بأنه سليم، وفاعل، وغير إدماني.

أيها الفاضل الكريم: تناول الدواء بجانب اتباع الإرشادات السلوكية السابقة، أعتقد أنه سوف يؤدي إلى تطور إيجابي كبير جدا في صحتك النفسية، ويتحول قلق المخاوف هذا إلى قلق إيجابي، وليس قلقا سلبيا، والقلق الإيجابي هو الذي يحسن الدافعية عندنا من أجل الإنجازات الجيدة والإيجابية، والتي تنفع الإنسان وتنفع من حوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات