السؤال
أنا بعمر 26 سنة، مخطوبة منذ سنتين، وخطيبي إنسان ذو خلق ودين، ويحب عمله كثيرا، ويحبني ويحترمني، لكنه لا يشعرني باهتمامه، علما بأني أنا من يبدأ في الحديث معه، وسؤاله عن أمور عمله ويومه، حتى عندما أمرض وأخبره بأني مريضة لا يهتم كثيرا، ولا يعاود السؤال عني في اليوم التالي، وكأني لم أقل له شيئا! وعندما يحدث معه شيء أقف إلى جانبه وأسأل عنه باستمرار.
إضافة إلى أنه قليل التواصل معي، وإذا أنا لم أراسله لا يراسلني، ودائما يكرر لي أنه مشغول، مع أن عمله ٨-٢ ظهرا، بينما هو على مواقع التواصل الأخرى متواجد، مثل الفيس بوك، ويرسل منشورات، ويتواصل بشكل دائم مع الأصدقاء والأهل، أما أنا فلا يوجد أي اهتمام، ولا يفتح رسالتي إلا في ثاني يوم، مع أنه يكون متصلا على الانترنت، أنا لم أبين له ولم أصارحه، ولكني في ضيق من هذا الأمر، وأشعر بالحزن.
أرجو الرد، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lili حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبعد:
إننا نحمد الله أن يسر لك هذه الخطبة، ونحمده كذلك أن وفقك في الزواج من شاب حسن الدين والخلق، وتلك مزية عظيمة تستوجب منك الشكر والحرص معا، ونسأل الله أن يتمم لك على خير.
يجب أن نسجل هنا ملاحظة قبل الإجابة: إننا نتحدث عن الخطبة بالمفهوم الشرعي، وفيه عقد الزواج بين الاثنين قائم، أما الخطبة بمعنى الوعد بالزواج دون عقد حتى ولو بعلم الأهلين؛ فإن العلاقة بينكما ليست شرعية، فهو لا يزال أجنبيا عليك، لا يجوز له الخلوة بك، ولا التواصل الدائم إلا بحضور الأهل.
الشاهد أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج ولا يترتب عليها أي أحكام إضافية، ولا ننصح بالتواصل المعمق في هذه الفترة الحساسة حتى يتم العقد، وعليه فالإجابة هنا عن كونه عاقدا وليس خاطبا فقط.
أختنا: لا يخلو رجل من أخطاء، كما لا تخلو امرأة كذلك، والعلاقة الرائعة بين الزوجين تقوم على تفهم الطبائع الشخصية للآخر، هذا التفهم يبنى على ركنين:
الأول: تضخيم الإيجابيات في النفس، والتذكير الدائم بها حتى لا تتركي فرجة للشيطان يتسلل منها إلى قلبك فيعظم لك الفرع وينسيك الأصل، كعادته -أي الشيطان- مع كل أسرة تريد البناء الصحيح.
الثاني: تفهم الاختلافات الطبيعية، والتغافل عن الهنات التي لا يمكن بحال محوها من ذاكرة الأسرة، وهنا لا بد أن نؤكد لك -أختنا- أنه لا يوجد في الدنيا كلها بيت كامل، بل حتى أفضل وأطهر بيت صلى الله وسلم على صاحبه، كانت فيه بعض المشاكل، والمرأة العاقلة هي من تتفهم ذلك وتصلح ما يمكن إصلاحه، وتتعايش مع البقية لتقليل الآثار والتبعات المصاحبة.
أختنا: بالنظر إلى الموضوع فهو لا يخلو من أحد أمرين:
- إما تقصير من الخاطب لانشغاله كما قال، أو لأن الأمر جديد عليه، أو لأنه يرى أن التواصل في هذا الحد هو الطبيعي.
- إما حساسية زائدة منك، أو عاطفة مثالية، أو فراغ زائد يجعلك في تشوف دائم للاتصال والحديث، ونحن لا ننكر حقك العاطفي مع زوجك، ولكنا نتحدث عن معنى زائد أو مثالية زائدة، هذه المثالية -أختنا- كم فرقت بين زوجين، وكم هدمت بين الأسر، فالحياة الزوجية حياة واقعية فيها الحسن والقبح والإيجابيات والسلبيات، وليست كتلك الحياة الكاذبة التي تروج في الأفلام أو في وسائل الوسائط الاجتماعية.
عليه -أختنا- فإننا ننصحك بما يلي:
1- عدم البوم لزوجك بما ترين أنه تقصير في حقك.
2- التواصل معه والاطمئنان عليه يكون معتدلا، فلا ترسلي رسالة في وقت غير مناسب، ولا تتبعي الرسالة بأخرى إذا لم يجب على الأولى، حتى لا يتشتت ذهنك ولا يستشعر أنك أصبحت عبئا عليه.
3- الابتعاد عن متابعته على وسائط التواصل الاجتماعي، بل وعدم مناقشته في تواصله مع الغير.
4- الإحسان إليه وإسماعه من الكلام ما يطيب به نفسه، على أن يكون في الحدود الشرعية، فأنت لا زلت في بيت أهلك، وهو وإن كان عاقدا إلا أن الزواج لم يشهر بعد، وكلما خبأت بعض الكلمات للغد المرتقب كان أفضل، فما كسيت امرأة قط بسربال أفضل من الحياء.
5-التمسي له الأعذار، ولا تضعيه في موقف حرج بسؤالك، بل التمسي العذر وأحسني إليه.
6- اجتهدي أن تقطعي الفراغ في حياتك، فما رأينا مفسدا للبيوت أكثر من الفراغ.
7- إن استطعتم التعجيل بالزواج فحسن وخير كثير.
8- كل زوج فيه مزايا وفيه عيوب، فلا تستمعي لأحد يتحدث عن مزايا ليست مع زوجك، فما يدريك العيوب التي عند المتحدث! ولا تسمحي لأحد يقتحم تلك الخصوصية عندك.
أكثري من الدعاء أن يصلح الله لك الزوج، وأن يسعدك به، وأن يحببه فيك ويحببك فيه، وأن يصرف عنكم الشيطان، كل هذا مع المحافظة على الأذكار، والله الموفق.