السؤال
السلام عليكم.
أدرس هندسة اتصالات، وكما تعلمون أن التخصص صعب، ويحتاج إلى جهد، ووقت كبير، بالإضافة إلى أن الجامعة بعيدة مسافة ساعتين ذهابا، وساعتين إيابا، وأنا -الحمد لله- أحب التخصص جدا، وأبذل فيه كل جهدي، ولكن هذا انعكس بالسلب على عملي في مساعدة أمي في شغل المنزل وتنظيفه، وتحضير الطعام، غيره.
ولأني أرجع متأخرة مجهدة فأكون متعبة جدا، وأنام، وعندما أصحو أذاكر للجامعة، وبسبب ذلك أصبحنا أنا وأمي وأخواتي في نزاع وخصام أغلب الوقت، صارت المشاكل يوميا بيني وبين أمي وأخي وأبي، وامتد النزاع إلى أن صار بين أمي وبين أبي وأخي الأكبر مباشرة، يلومان أمي أنها لا تطالبني بتنظيف البيت، وتحضير الطعام، وغسل الملابس، وهكذا، فهل يجب علي أن أترك الجامعة والدراسة، وأتفرغ لعمل البيت؟
علما بأنه إذا أصبح البيت مرتبا والطعام جاهزا والملابس نظيفة سوف تصبح العائلة في استقرار نفسي وهدوء؟ فماذا علي أن أفعل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يعينك على النجاح، وأن يعينك على التوفيق بين الدراسة وبين مساعدة الأم في المهام المنزلية، ونتمنى أن يكون لأهل البيت جميعا أدوار في مساعدتك ومساعدة الوالدة، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.
لقد أسعدنا هذا السؤال الذي يدل على الحرص على استقرار الأسرة، وديمومة التفاهم والمحبة والتعاون داخل الأسرة، وأرجو ألا يكون الثمن لذلك هو هذه الدراسة التي أحببتيها، ونسأل الله تعالى أن يعينكم جميعا على تنظيم أوقاتكم، وعلى أن يساهم كل طرف بما يستطيعه، فإن هذه المهام الكبرى في تنظيف البيت وإعداد الطعام والشراب؛ لو تعاون جميع أهل البيت ولو بالشيء اليسير؛ فإن هذا سيسهل المهمة على الوالدة وعليك، وهذا ما ننتظره.
ولذلك أرجو أن تبذلي ما تستطيعينه، وتجتهدي في أيام العطل في أن تكون لك أدوار كبيرة في مساعدة الوالدة، واحرصي دائما على إشاعة الوفاق داخل البيت، ونحن نشكر الوالدة محاولة اجتهادها وصبرها، ومحاولة تغطية هذا النقص الذي ظهر بعد ذهابك لهذه الجامعة البعيدة التي تستغرق جزءا كبيرا من وقتك.
ونسأل الله أن يعينكم على الخير، ونطالبك ونطالب كل طرف بأن يرتب وقته، ونحن على ثقة رغم المجهود الكبير، ورغم المسافة الطويلة، إذا حصل ترتيب للأوقات وتنظيم لجداول التعاون والعمل داخل البيت، وقام كل إنسان ولو بيسير المهام؛ فإن هذا الأمر يمكن أن يتم، بمعنى أنك تنجحين في الدراسة وتنجحين في مساعدة الأسرة، وينجح أفراد الأسرة أيضا في تفهم احتياجك واحتياج الوالدة لمزيد من الجهد والمساعدة منهم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكم على الخير، ونسأل الله أيضا أن يجلب الاستقرار والهدوء إلى داخل البيت.
عموما: حاولي أن تكوني إيجابية، وحاولي أن ترتبي وقتك، وحاولي أن تساعدي الوالدة في أيام العطلات، بعد أن تأخذي قسطا من الراحة، واعلمي أن مساعدة الوالدة والرغبة في برها وبر الوالد؛ هذا مما يعين على النجاح، ومما يعين على ديمومة النجاح، بل الوصول إلى الفلاح؛ لأن بر الوالدين عبادة لرب البرية، ولو بحثنا عن معظم الموفقين على وجه هذه البسيطة (الأرض) سنجد أن السر في ذلك التوفيق هو برهم لآبائهم وأمهاتهم.
نسأل الله أن يرزقنا جميعا بر آبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد مماتهم، وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.