السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير، وأشكركم لردكم على استشاراتي السابقة، وكان الرد مفيدا جدا.
قبل مدة -تقريبا أربعة أشهر- جاءتني فكرة أني عندما أكتشف عقدي النفسية، وأتخلص منها سأعيش حياتي سعيدا وبلا عوائق، ثم قلت لنفسي: سوف أتخلص من عقدة نشأت منذ الطفولة، وهي عقدة التعبير عن الرأي والدفاع عن النفس، التي نشأت نتيجة السلوك التربوي الخاطئ، والمواقف التي شهدتها في الطفولة، وقلة تجربتي.
أحاول أن أقوم بالعلاج النفسي الذاتي، لكن بلا جدوى، كلما حاولت أن أخرج من منطقة الراحة، أشعر بشيء يدفعني لأعود أدراجي، كأنها هالة من الخوف التي تقول لي: محال أن تجتازني! والله إني تعبت، لكني لم أفقد الأمل، أتمنى أن تكون استشارتي واضحة، وأن تساعدوني.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك - أخي الفاضل - عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا مجددا بهذا السؤال، متمنين لك رمضانا مباركا.
أخي الفاضل: لاحظت من أسئلتك السابقة أن هناك إشارة على الوسواس القهري، ولعل هذه الأفكار التي وردت في سؤالك هذا إنما هي تدور أيضا حول أفكار وسواسية قهرية، تأتيك بين الحين والآخر، ولعل الإجابات السابقة حول هذه الأفكار القهرية مساعدة لك، ولكن ما ورد من جديد في سؤالك هذا أنك تعتقد أن لديك عقدا نفسية، وأنت تحاول أن تتخلص منها.
أخي الفاضل: واضح من سؤالك أن ما قصدت به عقدا نفسية، إنما هي صعوبة التحدث أمام الناس والحديث، وربما هذا بسبب شيء من ضعف الثقة بالنفس، أو الخجل الاجتماعي.
وأعجبني - أخي الفاضل - أنك تحاول أن تعالج ذاتك بذاتك، وهذه مرحلة طيبة، لعلها تنجح، وخاصة في المشكلة التي عرضتها، وهي الارتباك في الحديث أمام الناس والتعاطي معهم، وإذا أردت أن تتابع في العلاج الذاتي فهو بطريقة نسميها بالعلاج السلوكي، والتي تتضمن عدم تجنب المواجهة مع الناس واللقاء بهم، والأخذ والعطاء والحديث معهم، وإنما المواجهة، مواجهة مثل هذه المواقف الاجتماعية، والتي ستساعدك وتدربك رويدا رويدا على التخلص من هذه المشكلة.
وهي في نفس الوقت - هذا الإقدام والمواجهة - ستعينك أيضا على ما أسميته الخروج من منطقة الراحة (Comfort Zone)، فإذا عن طريق المحاولة والتدريب والمواجهة؛ تستطيع التخلص من كلا النقطتين: ضعف الثقة بالنفس، والبقاء ساكنا في منطقة الراحة.
ولا ننسى أن شهر رمضان والعيد -ومواسم الخيرات عموما- إنما هي فرصة لتغيير العادات والسلوكيات، فلعلك تستفيد من هذه الفترة في الخروج والحديث مع الناس، سواء على مائدة الإفطار أو بعد صلاة التراويح أو غيرها، فكل هذا يعينك -بإذن الله-.
أنت متخوف أن تنتكس وتعود إلى الوضع الطبيعي، فأريد أن أذكر لك هنا أن الانتكاسة أحيانا حين تعود، ويعود الإنسان إلى عادات سابقة يكاد يكون هو الأمر الطبيعي، إلا أن هذا ليس مبررا لعدم المحاولة والاستمرار على التعديل وتغيير السلوك.
أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية وراحة البال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.