أفضل طرق العلاج السلوكي للوساوس

1 506

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنا مصاب بالوساوس من مدة عشر سنوات أو أكثر، والآن ومن مدة سنتين تقريبا بدأت هذه الوساوس تخف وتضعف إلى حد كبير؛ وذلك بفضل الله عز وجل، ثم بفضل ما وجدته وقرأته من استشاراتكم ونصائحكم للإخوة السائلين عافانا الله وإياهم! وذلك من نصيحتهم بتناول بعض الأدوية مثل البروزاك وغيره من الأدوية.

فبدأت بأخذ البروزاك واستمريت عليه لمدة طويلة تزيد عن الستة أشهر، هذا مع المحافظة على العلاج النبوي لهذا الداء، من أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وغيرها من الأوراد الشرعية، وما أوصى به النبي عليه الصلاة والسلام من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء عن مطاوعة الشيطان فيما يلقيه.

وأنا الآن بحمد الله عز وجل أفضل حالا، لكن لدي سؤال حول ما تبقى من هذه الوساوس، وهو أنني قد وجدت طريقتين في الكف عن مطاوعة الشيطان، وكلما استعملت طريقة أحس أن الطريقة الأخرى أكبر تأثيرا وأنفع من أختها، وإليك هاتين الطريقتين:

أما الأولى: فهي الضغط علي النفس، ومعاندة الشيطان أشد المعاندة، فإذا هاجمتك الوساوس بأن الحروف ليست هكذا، وليس هذا البيت بيتك، ونحوها من الوساوس، أقول في نفسي أنني تعلمت الحروف هكذا، وأن هذا البيت بيتي، حتى لو انطبقت السماء على الأرض! وأن هذا الأمر كذا حتى لو كان ما يلقيه الشيطان صحيحا فهو في عقلي كذا، ولن أستجيب للشيطان ولو فعل ما فعل!


وأما الطريقة الأخرى: فهي عدم الاشتغال بالوسوسة مطلقا وتناسيها، والسلبية تجاهها منتهى السلبية، فبأيهما تنصحني؟ علما بأنني قد وجدت لكليهما أثرا كبيرا في التخلص من أغلب هذه الوساوس، شاكرا لك بذلك النصح والإرشاد لإخوانك المسلمين، فجزاك الله خيرا على ما بذلته وما تبذله من جهد ووقت، وبارك فيك علي ما انتفعت به أنا شخصيا من مشورتك ونصحك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم في الله: عبد الرحمن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيرا على سؤالك، والذي حقيقة لا أعتبره سؤالا فقط، إنما هو مساهمة فعالة جدا منك لإرشاد الناس بكيفية التخلص من الوساوس.

ما ذكرته أمر جميل، وهي المبادئ السلوكية العامة حسب ما وضعها علماء النفس السلوكيين، والوساوس تعتبر فكرة مكتسبة ومتعلمة، والشيء المكتسب أو المتعلم يمكن أن يفقده الإنسان، ويفقده الإنسان بعدة طرق، منها التجاهل – كما ذكرت – يمكن للإنسان أن يتجاهله، ولكن يعاب على الوساوس أنها – كما قال لي أحد الإخوة – أنها مثل كرة الاستكواش حين تضربها تأتيك راجعة، ولكن على الإنسان أن يكثر من هذا الضرب حتى تنتهي هذه الكرة وتذهب بلا رجعة إن شاء الله، إذن أتجاهلها، أحقرها، وأعتبرها فكرة سخيفة، على الإنسان إذن أن يحقرها، أن يعتبرها فكرة سخيفة.

الشيء الثاني: لابد للإنسان أن يقاوم الوساوس ولا يتبعها، مقاومة الوساوس تؤدي إلى زيادة القلق في المراحل الأولى، ويرتفع هذا القلق، ومع شدة المقاومة يتوقف هذا الارتفاع إن شاء الله، ثم مع مواصلة المقاومة يبتدئ القلق ينتهي وينخفض بصورة واضحة، وهذه هي المرحلة العلاجية التي نريد أن يصل لها كل إنسان، إذن المقاومة، المقاومة، التحقير وعدم الاستجابة والتجاهل.

الطريقة الثالثة: هي أن نستعيض عن الفكرة الوسواسية بفكرة مخالفة لها - وأنت تقوم بذلك، جزاك الله خيرا – استبدل الفكرة الوسواسية بالفكرة المضادة لها.

الطريقة الرابعة: هي أن أربط الفكرة الوسواسية بفعل أو فكرة مخالفة لها تماما، وقد وجد العلماء أن الإنسان إذا قرن هذه الفكرة الوسواسية أو الفعل الوسواسي بفعل مخالف كإيقاع الألم بنفسه، ولذا دائما نقول للناس: اضرب على يديك على سطح صلب حتى تحس بألم شديد، وفي وقت الإحساس بالألم يجب أن تستجلب الفكرة الوسواسية – أي أن تقرن الوسواس بالألم – هذا يؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، وهذا يؤدي إلى إضعاف الفكرة الوسواسية.

من الضروري جدا على الإنسان أن يواظب على هذه التمارين، وصدقني يا أخي يقال أن الإنسان إذا واظب على هذه التمارين لمدة 10 إلى 15 مرة سوف تقل الوساوس عنه وتنتهي تماما.

وتعتبر العلاجات السلوكية مهمة جدا؛ لأنها هي الوسيلة التي تضمن أن الوساوس لن ترجع للإنسان، أما الأدوية فهي تساعد بصفة ممتازة وفعالة، ولكن يعاب عليها أن الإنسان إذا لم يقرنها بالعلاج السلوكي ربما يرجع له الوسواس مرة أخرى.

حقيقة أنا أقر الطريقتين، وقد أعجبني أسلوبك جدا ومستوى اطلاعك، وعليه يمكنك أن تمشي على المنهجين أو الطريقتين وتضيف لهما ما ذكرته لك من أساليب أخرى، وأن تواصل على الدواء وهو البروزاك، وسوف تجد إن شاء الله تعالى أنك قد تخلصت من هذه الوساوس تماما، ولابد أن تكون هنالك العزيمة والإرادة، وإرادة التغيير، والتخلص من الوساوس هي أفضل وأحسن ما نطالب به الناس من أجل التخلص من هذه الوساوس.

وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات