السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة بعمر ٢٢ عاما، أعاني من وسواس قهري منذ فترة طويلة، كانت البداية خوفا من انتقاض الوضوء، وذهبت لطبيب ووصف (فافرين١٠٠)، تناولت نصف قرص لمدة أسبوع، ثم قرصا كاملا وأيضا (انافرونيل ٢٥ ثم ٧٥)، واستمررت عاما على الدواء، ولكن لم يجد، ولم تذهب حالة التوتر تلك بل ساءت الأمور، فأصبت بسلس بول حقيقي، أكون كالمجنون قبل الذهاب للحمام! وأحيانا لا أصل في الوقت المناسب، وأظن أن هذه الحالة ليست عضوية تماما بل هي نفسية ناتجة عن الوسواس، وذهبت لطبيب آخر، ووصف (البروزاك) ولكن لم أستمر عليه، فهو ليس متوفرا في بلدتنا.
الآن تطور الأمر كثيرا، فأنا أمضي في الحمام وقتا طويلا، وكذلك قبل الدخول في الوضوء والصلاة، بل أحيانا أطلب من أي أحد يقف معي حتى أدخل، وأشعر أني لا أستطيع التحكم في نفسي، وإذا كنت أتوضأ أو أصلي، وسمعت صوت أحد الأقارب جاء عندنا مثلا أو أي حدث آخر كبير فإني أتوتر وأحس بالتوتر في منطقة الفرج.
أشعر أني أرى الحياة كلها صعبة، وأمضي وقتا طويلا فأغسل الثوب النجس، وأنا الآن أرغب في تناول دواء فافرين ١٠٠، لأنه المتوفر، ولكن بجرعة صحيحة.
لذا أرجو من الدكتور محمد عبد العليم أن يصف الجرعة المناسبة لي.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.
لا بد أن تكون لك قناعة مطلقة أن الوسواس يجب ألا يكون جزءا من حياتك، والوسواس يمكن أن يعالج بصورة فاعلة جدا إذا واجهه الإنسان بجدية، وأنا أنصحك ببعض التمارين السلوكية المهمة جدا لعلاج الوسواس:
أولها: أن تقومي بما نسميه بالتحليل السلوكي للوساوس، وذلك من خلال أن تكتبي كل وساوسك في ورقة، إذا كانت وساوس أفكار أو أفعال، وتبدئي بأقلها شدة، وتنتهي بأقواها، ثم بعد ذلك تضعين البرنامج العلاجي السلوكي، وهذه هي النقطة الثانية.
تجلسين داخل غرفة، وكل جلسة علاجية سلوكية يجب ألا تقل مدتها عن عشرين دقيقة، تواجهين الفكرة الوسواسية، بأن تحقريها، بأن تتجاهليها، وأن تخاطبي الفكرة مباشرة قائلة: (أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنت لست جزءا من حياتي)، وهكذا تكررين هذا عدة مرات.
بعد ذلك تنتقلين للنقطة الثالثة، وهي الانتقال لتمرين آخر نسميه بصرف الانتباه، ومن خلاله تأتين بفكرة أو بفعل مخالف تماما للوسواس أو للفعل الوسواسي.
التمرين الثالث هو ما يسمى بالتنفير، وهو تمرين بسيط جدا، لكنه مفيد جدا جدا، قومي بالضرب على يدك على جسم صلب - كسطح الطاولة - ومع كل ضربة يجب أن تشعري بالألم، وتربطي هذا الألم بالفكرة الوسواسية أو الفعل الوسواسي، يعني: يجب الإتيان بالفكرة الوسواسية أو الفعل الوسواسي في لحظة الضرب باليد على سطح الطاولة.
علماء السلوك وجدوا أن إيقاع الألم على النفس ينفر من الفكرة أو الفعل الوسواسي، هذه تمارين مهمة ومفيدة، أرجو أن تطبقيها بكل إجادة وجدية، وستنفعك كثيرا.
موضوع عدم التحكم في البول - أو ما أسميته بسلس البول - واضح أنه وسواسي، لكن يحبذ أيضا أن تذهبي وتفحصي البول، ففي بعض الأحيان لدى بعض البنات قد يكون هناك أملاح في البول أو التهاب في المثانة، ويكون هذا سببا في سلس البول، مما يؤدي إلى تسارع في أمر نزول البول وعدم التحكم فيه، فالفحص المخبري - وهو فحص بسيط جدا - أعتقد أنه سيكون مهما جدا.
أيضا قوي عضلات البطن لديك، من خلال ممارسة رياضة تقوية عضلات البطن؛ لأن ذلك يساعد كثيرا في أن تكون عملية التحكم في البول جيدة.
أيضا حاولي أن تحصري البول في أثناء النهار، ولا تذهبي للحمام كثيرا، وحين تذهبين إلى الحمام يجب أن تفرغي المثانة تماما، دعي البول ينزل بكامله، ثم بعد ذلك اجلسي لمدة نصف دقيقة وادفعي لإخراج أي بقايا من البول.
أيتها الفاضلة الكريمة: لا بد أن تحددي كمية ماء الاستحمام، لا أنصحك أبدا أن تستحمي من ماء الصنبور، حددي ماء، ضعي ماء في إناء، وتطبيق هذا التمرين ضروري ومفيد، لو طبقته مرتين أو ثلاث مرات ستجدين نفسك فعلا أنك قد تغيرت كثيرا، إذا تحديد زمن الحمام، والمدة التي يجب أن تستغرقيها، وتكوني صارمة جدا مع نفسك، كذلك تحديد كمية ماء الاستحمام، وهذا ينطبق أيضا على الوضوء.
في الوضوء أريدك أن تضعي فقط لترا من الماء، في قنينة، أو في إبريق، وتتوضئي به، وتحددي الوقت، لا يكون أكثر من خمس دقائق، وطبعا حين تكملين الوضوء ستحسين بقلق، لا تستجيبي لهذا القلق، وابني على أن وضوءك صحيح. وهكذا.
إذا تحديد كمية الماء، وكذلك الإصرار على مدافعة الوسواس وعدم الركون إليه؛ هو العلاج الرئيسي والأساسي.
سيكون من الجيد لك أن تتعلمي تطبيق تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، فائدتها العلاجية كبيرة جدا، فأرجو أن تستفيدي من أحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، والتي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
بالنسبة للدواء: لا شك أن الـ (فافرين) دواء رائع جدا، والفافرين يسمى (فلوفوكسامين)، الجرعة: تبدئين بخمسين ملجم وليست مائة، خمسين ملجم ليلا بعد الأكل، تستمرين عليها لمدة أسبوعين، ثم تجعلين الجرعة مائة ملجم، وتستمرين عليها لمدة أسبوعين آخرين، ثم ترفعين الجرعة إلى مائتي ملجم يوميا، يمكن أن تتناوليها كجرعة واحدة ليلا، وهذه هي أقل جرعة نافعة في حالتك، علما بأن الجرعة الكلية هي ثلاثمائة ملجم في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة.
استمري على جرعة المائتي ملجم لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى مائة ملجم ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين ملجم ليلا لمدة شهر، ثم خمسين ملجم يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الفافرين دواء ممتاز، دواء سليم، غير إدماني، ولا يؤثر أبدا على الهرمونات النسائية، وطبعا التزامك القاطع بالدواء سيعود عليك - إن شاء الله تعالى - بفائدة علاجية كبيرة جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وتقبل الله صيامكم وطاعاتكم.