أعيش في صراع بين الدنيا والآخرة.. فكيف النجاة؟

0 25

السؤال

السلام عليكم
لدي مشكلة، أحس أني في هذه الفترة مشتت، لا أعرف كيف أتخذ قرارا صحيحا، ودائما أفكر في كلام الناس، وماذا سيقولون عني، عمري 26، وأعيش في صراع بين الحياة الدنيا والآخرة!

أزيد الحمل على روحي، وأزيد فترة الدوام بصفة عامة، تفوتني الصلاة في المسجد مثلا، والفترة الأخيرة أريد أن أعيش وحدي وأبتعد عن الناس!

أمنيتي أن أعيش في الحرم، ولو عاملا، وأن أبتعد عن الفتن والمعاصي، أحس بضعف في الشخصية، ومبتلى بذنوب الخلوات!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبيدة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشعر بما تمر به من تشتت وصراع، بين متطلبات الحياة الدنيا والسعي نحو الآخرة، ما تعيشه من تفكير في نظر الناس، والخوف من الفتن والمعاصي يعكس حساسية قلبك، ورغبتك في الصلاح والتقرب إلى الله.

أولا: من المهم التعرف على أن ما تشعر به من تشتت وضعف في الشخصية؛ يمكن أن يكون جزءا من الضغوط النفسية أو القلق الاجتماعي؛ حيث يشعر الشخص بالقلق بشأن كيفية إدراك الآخرين له، ويخشى الحكم السلبي.

ثانيا: البحث عن التوازن بين الدنيا والآخرة هو جهاد النفس، وهو أمر يكرم عليه المرء، يجب ألا يؤدي السعي وراء الرزق إلى إهمال الصلوات أو الواجبات الدينية؛ فالله -سبحانه وتعالى- يقول في محكم التنزيل: "فإذا فرغت فانصب" (الشرح، الآية 7)، مما يشير إلى ضرورة الاجتهاد في العبادة بعد الانتهاء من العمل، لا ترهق نفسك بالعمل لساعات طويلة على حساب صلاتك وعبادتك، حاول أن تنظم وقتك بشكل يضمن لك أداء واجباتك الدينية دون إهمال عملك.

ثالثا: رغبتك في العيش بمكان يزيد من إيمانك ويقلل من التعرض للفتن مثل مكة، تعبر عن رغبة جميلة في الخلوة مع الله وتقوية الإيمان، الهجرة إلى مكان يعينك على ذكر الله والعبادة قد تكون خطوة جيدة، لكنها تتطلب تفكيرا عميقا، وتخطيطا من حيث العمل والمعيشة.

فيما يخص الشعور بالضعف الشخصي والذنوب؛ فإن التوبة النصوح والرجوع إلى الله هي خطوات أساسية، يقول الله تعالى: "وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" (النور، الآية 31). الاستغفار والتوبة تنقي القلب وتقوي الشخصية.

للمساعدة في تقوية شخصيتك والحد من التأثير السلبي لآراء الناس، إليك بعض النصائح:
1. لا تعط كلام الناس أهمية كبيرة، فما يهم هو رضى الله تعالى عنك، عليك أن تركز على ما يرضي الله تعالى، ولا تلتفت إلى أقوال الناس.

2.الاستمرار في الدعاء وقراءة القرآن بتدبر؛ يعين على التقرب من الله ويقوي العزيمة والإرادة: ﴿فقلۡت ٱسۡتغۡفروا۟ ربكمۡ إنهۥ كان غفارࣰا﴾ [نوح ١٠].

3. تحديد أهداف واقعية وخلق خطة للعمل نحو تحقيقها، يمكن أن يساعد في توجيه الطاقة وتقليل الشعور بالتشتت.

التوازن بين الدنيا والآخرة يمكن أن يتحقق بالتدبر والصبر والاستعانة بالله، ومعرفة أن كل خطوة في سبيل الخير هي خطوة نحو الآخرة أيضا؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لن ينجي أحدا منكم عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا.

وهكذا عليك أن تدرك أن الأعمال الصالحة منها واجبات، ومنها نوافل، فيمكنك التقليل من النوافل من أجل العمل، بينما تحافظ على الفرائض؛ لأنها لا تأخذ وقتا كبيرا، كما يمكنك الاجتهاد قدر الاستطاعة أن تصلي الصلوات في جماعة، فإن لم يتيسر لك ذلك بسبب ظروف العمل، فلا أقل من أن تصلي الصلوات المفروضة في وقتها، وأن تحرص على عدم خروج الوقت.

يسر الله أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات