السؤال
معظم الوقت عندي صداع نصفي، وسخونة في جسمي، وأكف يدي جامدتان، ودماغي دائما حار لدرجة الصداع، أحيانا أحطها تحت الماء لتهدأ، ولما أقرأ القرآن أو الأذكار أتثاءب كثيرا، وأحيانا أسرح كثيرا في الصلاة مهما حاولت التركيز، ولا أنتبه من السرحان إلا عندما أجدني انتهيت من صلاتي.
أحيانا أسمع أحدا يبكي لكني لا أجد أحدا، فما العمل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
طبعا الصداع النصفي يعرف أنه قد يكون مزعجا في بعض الأحيان، وقد يرتبط بأعراض جسدية أخرى مثل الذي يحدث لك، وأنا أعتقد أنه في المقام الأول لديك قلق نفسي من الدرجة البسيطة، هو الذي يساعد على ظهور هذه الأعراض؛ لذا نحب أن نسميها بالأعراض (النفس جسدية) أو الـ (سيكوسوماتية psychosomatic) وطبعا السرحان، وتشتت التفكير، وعدم القدرة على التركيز، هي من السمات الرئيسية لوجود القلق النفسي، وكذلك لوجود الإجهاد النفسي.
أنا أرى أن تقومي أولا بإجراء فحوصات عامة، من خلال مقابلة الطبيب - طبيب الأسرة، وطبيب الأعصاب - وتتأكدي من قوة الدم لديك، وكذلك وظائف الكلى والكبد والغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12) وفيتامين (د)، هذه فحوصات ضرورية ومهمة جدا.
بالنسبة للصداع النصفي طبعا يجب أن تحذري من بعض الأطعمة، كالأجبان مثلا في بعض الأحيان قد تزيد من الصداع النصفي، وكالبقوليات مثل: الفول يزيد من الصداع النصفي. ومن العلاجات الضرورية جدا هو أن تتجنبي السهر؛ فتجنب السهر، والحرص على النوم الليلي المبكر يساعد النفس على الاسترخاء، وتجديد الطاقات؛ ولذا يستيقظ الإنسان مبكرا وهو نشط ومقدم على الحياة، وطبعا تكون بداية يومه من خلال أداء صلاة الفجر في وقته.
مهم جدا بالنسبة لك أن تقومي بإجراء تمارين استرخائية، هذه التمارين مفيدة جدا، وإن وجدت أخصائية نفسية تقوم بتدريبك عليها؛ هذا سوف يكون أمرا جيدا، وإن لم تجدي، فتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة.
رياضة المشي أيضا مهمة، الصحة النفسية عامة تتطور من خلال أن يحسن الإنسان إدارة وقته، وأن تكون له أهداف، وأن تكوني إنسانة مفيدة لنفسك ولغيرك، وتحرصي على ما ينفعك، وأن تكون مساهماتك الأسرية دائما إيجابية، وأن تكوني شخصا فعالا في أسرتك.
هذه هي الأشياء التي أنصحك بها، وطبعا أمر الصلاة والسرحان فيها هذا يحدث لبعض الناس، وكما ذكرت لك القلق قد يكون ساهم في ذلك، لكن الإنسان إذا أدرك عظمة الصلاة ووضعها في المراتب العليا من حياته يستطيع أن يركز، يستطيع أن ينتبه، وطبعا قراءة القرآن بتدبر تساعدنا على تجنب السرحان في الصلاة، وإدراك أن الإنسان حين يكون في صلاته هو في معية ربه، وهذا موقف ومقام عظيم جدا، الإنسان يجب أن ينقل نفسه كلية إلى هذا الموقف العظيم، والموقف الذي من خلاله - إن شاء الله - يثاب الإنسان على أداء صلاته بصورة خاشعة، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع).
لا بأس أبدا أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق، أدوية بسيطة، مثل عقار (سيبرالكس)، والذي يعرف علميا باسم (اسيتالوبرام) هو أصلا لعلاج الاكتئاب والمخاوف والوسوسة، لكنه أيضا فعال لعلاج القلق، ونحن نفضله في حالتك بجرعة صغيرة؛ لأنه لا يؤدي إلى الإدمان، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا.
والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة - أي 5 ملجم من الحبة التي تحتوي على 10 ملجم - تتناوليها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة 10 ملجم يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى 5 ملجم يوميا لمدة أسبوعين، ثم 5 ملجم يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بجانب هذا العلاج، ويمكن أن يكون قبله لا بأس أن تقومي برقية نفسك بالقرآن وتحصني نفسك بالأذكار، فقد قال الله تعالى عن كتابه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقال سبحانه: (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا)، وقال سبحانه: (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور)؛ والنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين؛ لذلك: يمكن استعمال الرقية الشرعية؛ وهي إن لم تنفعك فلن تضرك، بل أنت مأجورة؛ فهي من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.