السؤال
السلام عليكم
أنا شابة عزباء، بعمر ٣١ عاما، وتعرفت على شاب بعمر ٣٣ عاما، يريد الزواج بي، لكني في حيرة كبيرة، لعدة أسباب، وهي:
١- المستوى الاجتماعي لعائلته أقل من عائلتي، وأنا درست أكثر منه.
٢- أشك في بخله، ويعطي وعودا كاذبة.
٣- يريد زوجة تساعده.
٤- أخاف من التغيير في نمط عيشي.
الشاب حنون ذو أخلاق، ونيته في الزواج صالحة، ويصلي، وتاب من المعاصي، وأنا حائرة ومترددة وأعاني من الوسواس الذي يقول لي: إني سأعيش الشقاء.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
الأخت الفاضلة، من أهم مقاصد الخطبة في الإسلام هي التعارف العام، وفهم شخصية كل طرف، وفق الضوابط الشرعية التي حددها الشرع، دون تجاوز للحدود أو الدخول في علاقات عاطفية محرمة.
الخطبة مجرد وعد بالزواج، فالرجل والمرأة خلال هذه الفترة ليس بينهما أي التزام تجاه الطرف الآخر، ويجوز لأي طرف إنهاء هذا الوعد إذا تبين له عدم الرغبة، دون أن يتحمل أي التزامات تجاه الطرف الآخر.
على هذا - أختي الفاضلة - فالتعرف على هذا الشاب ومستواه الاجتماعي، وأخلاقه في التعامل ومدى قدرته على تحمل مسؤولية بناء الأسرة، والتعرف على تدينه والتزامه الديني، كل هذا مهم ويكون خلال هذه الفترة، وقبل الدخول في مشروع الزواج، وهذا من أهم مقاصد الخطبة، ومن أهم أسباب الاستقرار الأسري.
بعد ذلك ينبغي أن تعلمي - أختي الفاضلة - أن هناك جوانب أساسية لتحقيق التوافق بين الزوجين، وهناك جوانب ثانوية يمكن التعايش معها أو تهذيبها بعد الزواج، فمن الجوانب الأساسية لتحقيق الاستقرار السكن والمودة والرحمة، ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي.
الدين وحسن الخلق من أهم معايير قبول الزوج والزوجة، فصاحب الدين والخلق الحسن حتى وإن ضعفت بعض الجوانب الأخرى في شخصيته، فإنه يخاف الله تعالى ويراعي حدوده في زوجه وتعامله، فإن أمسكها أمسكها بمعروف، وإن طلقها طلقها بإحسان.
أما بقية الصفات التي يفرضها المجتمع، أو يظهرها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل المكانة الاجتماعية، ومساعدة الزوجة وغيرها، فالأمر فيها للعرف والمجتمع والظروف التي تواجهكم بعد الزواج، والأساس فيها هو التفاهم والحوار بين الطرفين قبل الزواج، ما دام أن الشرع لا يمنع ذلك أو يحرمه.
لذلك ننصحك -أختي الفاضلة- بأمور:
أولا: خذي وقتك في التعرف على شخصيته، وعلاقاته وتعامله وحسن إدارته لأموره الشخصية وغيرها، دون الدخول في تعارف عاطفي، أو أحاديث غرامية محرمة أثناء الخطبة، حتى لا يؤثر ذلك في قرار الاختيار، وحتى لا يقع ما لا يحمد عقباه.
ثانيا: إذا كانت العادات والتقاليد تؤثر في استقراركم الأسري، فلك الخيار في تحديد مدى هذا التأثير، وضرره على مستقبلك ومستقبل أسرتك بعد ذلك، فلا تتخذي قرار الزواج إلا بعد دراسة الأمر جيدا من كل النواحي.
ثالثا: الكمال المطلق والشخصية المثالية التي تحلم بها أي فتاة أو تزينها وسائل الإعلام، أمر في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا، ولكن نقول لك: إن النقص لا ينبغي أن يكون في أشياء أساسية لاستقرار الأسرة، فالبخل قضية خطيرة في الزوج، وتؤثر في الاستقرار، فلا بد أن يحدث يقين من وجود هذه الصفة، وبالقدر الذي يفسد الزواج ويذهب المودة والسكن.
أما تغيير نمط عيشك بما يتوافق مع بيئة الزواج ومسؤولية الأسرة والأبناء فهو شيء طبيعي ومهم لاستقرار الزواج، ولكن هذا التغيير يكون على أساس الواقع الجديد ومسؤولياته، لا أن يكون تغيرا سلبيا من كل الجوانب.
أختي الفاضلة، لا بد أن تجتهدي بالدعاء والتضرع إلى الله، والإكثار من الاستخارة أكثر من مرة، وعدم الاستعجال، لأن مشروع الزواج يبقى العمر كله، وله دور في سعادة واستقرار الإنسان بقية حياته.
وفقك الله وأعانك على الخير.