أشعر أني تائه القلب ومشرد العواطف، ساعدوني

0 22

السؤال

أكتب إلى شيوخنا، وإلى من من الله عليهم بعلمه، قلبي تائه بسبب فراغي العاطفي، ودائما أبحث عن حب يدفعني لتحقيق أهدافي.

حقيقة الأمر أنا أشعر بوحدة شديدة، لكوني مغتربا قد يمضي علي يوم كامل دون التحدث مع أحد، ليس لدي أصدقاء كثيرون، وعلاقاتي تقل، وفي علاقتي مع الله، ليس رياء عن نفسي، ولكن أحب الله عز وجل وأخشاه، وأسأل نفسي في كثير من الأفعال: هل يصح هذا؟ هل يغضب الله ذلك؟ وأحيانا أقصر في علاقتي مع الله عز وجل، وأرجع فأستغفره عز وجل، عن ما بدر مني.

أما عن عواطفي ومشاعري فدائما أميل للعلاقات، وتغلبني نفسي الأمارة بالسوء، أنا حاليا -بفضل الله- في آخر سنة دراسية لي، وأحاول وأجاهد هذه النفس للبعد عن العادة والإباحيات، وأسقط وأرجع أحاول..وهكذا.

أيضا لا أريد أن يغضب الله علي ويضيق علي رزقي، حاولت ممارسة الرياضة ولكن أقطعها لضيق الحال، وحاولت ممارسة هواية، ولكن لا تكتمل، وأبتعد عنها.

أنا في حيرة وفي اضطراب من أمري، فأرجوك أن تدلوني: ماذا أفعل؟ وأسألكم الدعاء لي، فأنا في أمس الحاجة لدعائكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ قلبك بحبه، وأن يشغلك بطاعته، وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.

سعدنا بهذا السؤال، وأسعدنا أكثر حرصك على أن تكون محبا لربك، وقريبا منه سبحانه وتعالى، وهذا يغنيك عن خلقه، فإن الإنسان إذا ارتبط بالله تبارك وتعالى وجد الله، ومن وجد الله فماذا فقد؟ فكن مع الله ولا تبال، وإذا حاول الشيطان أن ينفرد بك؛ فاجعل كتاب الله جليسك، وهو جليس لا يمل، وصاحب لا يغش، وما جالس أحد هذا الكتاب إلا قام عنه بزيادة ونقصان، زيادة في الهدى، ونقصان من جهالة وعماية وضلالة، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد.

كما أرجو أن تفتح على نفسك أبواب الخير؛ لأن العلاقات الاجتماعية مهمة في حياة الإنسان، وعليك أن تبحث في مظان وجود الأخيار، كالمساجد مكان تجمعات الخير، اقترب من الصالحين، ومن تتوسم فيهم الخير، واحرص دائما على أن تكون إلى جوار الأخيار، فإنهم عون لك على الطاعات، والإنسان بحاجة إلى صديق وأصدقاء يذكرونه بالله إذا نسي، ويعينونه على طاعة الله إن ذكر.

من المهم وأنت طالب أن تشتغل بدراستك، فإن الإنسان إما أن يشغل نفسه بخير أو بما فيه مصلحة، وإلا فسيشغله الشيطان بما سوى ذلك من الشر عياذا بالله، ولا تعط الشيطان فرصة، وابتعد عن المشاهدات والأمور التي تثير الشهوات، وتجنب الوحدة فإن الشيطان مع الواحد، واعلم أن الإنسان يستطيع أن يفتح لنفسه أبواب العلاقات، ولكن ندعوك أيضا في هذا الجانب إلى أن تكون علاقاتك مرشدة، فصحبة الأخيار مطلوبة، وصحبة الأشرار وبال على الإنسان.

لذلك مالك بن دينار رؤي إلى جواره كلب أسود، فقيل له في ذلك: فقال هذا خير من جليس السوء، ونسأل الله أن يعينك على مواصلة الهوايات النافعة، وأعتقد أن هناك هوايات تحتاج إلى تكلفة مالية، كالبحث عن المهارات، واستخدام الرياضة، المشي، استخدام بعض الهوايات النافعة المفيدة، وإذا كنت طالب علم فإن شغل النفس بالدراسة من أجل تحقيق معدلات مرتفعة والتفوق في الحياة هذا مطلب.

بل الإنسان بحاجة إلى كثير من الفراغ ليعمره بالاجتهاد في الدراسة، فإن هذا هدف كبير في حياة الإنسان، ونسأل الله أن يعينك على الذكر والاستغفار والإنابة، وإذا حصل منك تقصير ووقعت فيما يغضب الله تبارك وتعالى فعجل بالتوبة، واعلم أن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، واجتهد في التواصل مع أسرتك، ومع أهلك، وفي تطوير مهاراتك، ونسأل الله أن يعينك على طاعته، وأن يعينك على قضاء ما تبقى من فترة الدراسة في الاجتهاد، وفي العمل النافع والهوايات المفيدة.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات