السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية أحب أن أثني عليكم، وأبارك لكم هذه الجهود التي أرجو من الله أن تكلل بالنجاح والتوفيق.
أما لو تحدثنا عن مشكلتي فأنا لا أعرف من أين أبدأ الحديث عنها؛ فهي ممتدة منذ زمن طويل، فأنا أحس بالجور والظلم وعدم العدل في معاملة أبي لي معاملة حسنة، ولا أحظى أبدا باحترامه وتقديره، حتى في أبهى حالاتي!
لا أخفي عليكم أنني كنت سيئا في مجال دراستي؛ مما أثر بشكل قوي على هذه العلاقة والتي شابها الظن السيء، ومنذ ذلك الزمن وأنا أندب حظي، لقد حاولت كثيرا التغلب على مشكلة الدراسة؛ لأكون أكثر قربا من أبي، وعندما حصل هذا فوجئت بطامة كبيرة، حيث إن أبي يحرمني من إكمال الدراسة في الجامعة؛ لسبب لا أدري أهو منطقي أم لا؟ لا أدري على الاطلاق.
والسبب هو: شجار جانبي بيني وبين أخي الأكبر، وكعادته ظلمني دون أن ينظر في المشكلة، أو أن يسأل ويكتشف من المخطئ ويعاقبه، فعاقبني بعدم إكمال دراستي، وللأسف أنا الآن واقع تحت غضبه وغضب الله معا بسبب هذه المشكلة!
لقد فكرت كثيرا في حل، ووجدت السفر حلا حتميا علي، ففي وسط عائلتي لا يكن لي أدنى أنواع الاحترام أو التقدير، ولكني بالسفر قد أزيد هذا السخط وهذا الغضب، والآن ضاع مني فصل جامعي، وأنا أدور حول نفسي في كم هائل من التساؤلات حول مستقبل بات مهددا بالضياع!
أرجوكم أنقذوني، أنقذوني فحسب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ أبو حذيفة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر لك ذنبك.
فالانطباع السيء يحتاج إلى وقت لإزالته، فالتمس لوالدك الأعذار، وكن مطيعا لربك الغفار، واعلم أن طاعة الوالدين من عمل الأبرار، وهي أهم الأمور بعد عبادة القهار، وقد ربط الله تبارك وتعالى بينها وبين عبادته فقال: (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ))[الإسراء:23] وقال تعالى: (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ))[النساء:36]، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه. فقيل: من أين؟ فقال: من هذا التلازم في كتاب الله)، ولا عجب فرضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما.
وأرجو أن تعاونك الوالدة والأعمام في تغيير نظرة الأب تجاهك، ونتمنى أن تزيد من برك له وإحسانك، وعليك باللجوء إلى من يجيب من دعاه، ونحن ننصحك بتفادي الأشياء التي تزيد من غضب الوالد، وإذا كان السفر يغضبه فلا تفكر في السفر الذي لا ننصح به شبابنا إلا في مراحل متأخرة بعد التأهيل العلمي والزواج.
ولا أظن أن في إرضاء الوالد صعوبة إذا اجتهدت في بره وإحسانه، وصبرت على ما تعانيه وتلاقيه، وإذا علمت ما عليك فلن يضرك غضب الوالد إذا كان الله راضيا عنك، وقد قال رب العزة والجلال بعد آيات البر: (( ربكم أعلم بما في نفوسكم )) من البر والرغبة في الإحسان (( إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا ))[الإسراء:25].
فاتق الله في نفسك، وأظهر لوالدك أحسن ما عندك، واترك العناد والشجار، واصبر على الأذى، وأحسن إلى إخوانك والجار، وعليك بكثرة اللجوء إلى من يقلب القلوب ويقدر الأقدار.
أما بالنسبة للجامعة فأرجو مناقشة الأمر في هدوء، ولا مانع من طلب مساعدة أهلك والأخيار، ولا أظن أن الوالد سوف يمنعك من مواصلة المشوار، فعليك بالاجتهاد وكثرة الأذكار، وصل وسلم على نبينا المختار.
والله الموفق.