السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تزوجت في سن صغيرة، وعشت مع أهل زوجي 10 سنوات، وفي تلك الـ 10 سنوات عشت معهم في عذاب، ظلموني كثيرا، والآن لا أتكلم معهم بسبب المشاكل التي وقعت بيننا، قالت لي جارتي: يجب أن تتكلمي معهم؛ لأن الله لا يقبل أعمالك؛ فقلت: الله لا يقبل! وندمت لهذا القول؛ لأنهم هم الذين ظلموني، السؤال: هل فعلا لا يتقبل الله مني؟
أستغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه عن هذا القول، قلت عن خطأ، أقسم بالله العلي العظيم ظلموني كثيرا، تزوجت وأنا في سن صغيرة ويتيمة الأب، زوجي لا يحترمني؛ لذلك عائلته لا تحترمني، عندما تكون مشكلة أقول سوف أصبر؛ لأن عندي أولادا، ولكنهم يقولون: ليس لها مكان تذهب إليه، عذبوني نفسيا، حسبي الله ونعم الوكيل فيهم!
المهم قصتي طويلة، والآن أدعو الله أن يفتح لي أبواب رزقه، ويغفر لي، ويرحمني، ويعافيني وجميع المسلمين.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Oum amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابنتنا الفاضلة – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك وأهله لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنهم سيء الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرف سيئها إلا هو.
بداية: نبشرك بأجر الصابرات، ونسأل الله أن يوفقك وأن يرفعك عنده درجات، ونحب أن نؤكد لك أن إساءة الناس للإنسان مر طعمه، لكن الإنسان عندما يتذكر الثواب الذي عند الله -تبارك وتعالى- العدل الرحيم، ويتذكر أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، ويتذكر أن الخوف على الظالم وليس على المظلوم؛ لأن الظالم ينتظر انتقام الله {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}، أما المظلوم فينتظره تأييد الله ونصر الله، والله -تبارك وتعالى- ينصر المظلوم ولو بعد حين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على إكمال المشوار.
والإنسان عليه أن يبني حياته على قناعات إيمانية ورضا بما يقدره رب البرية، دون النظر إلى ما يقوله الناس وما يعتقده الناس، فإذا جعلنا همنا إرضاء الله سعدنا وارتحنا، ونعمنا في هذه الحياة، ويوشك الإنسان الذي يجعل همه إرضاء الله أن يفوز برضا الله ورضا الناس؛ لأن قلوب الناس بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، لكن العكس هو المرفوض، أن يكون هم الإنسان أن يرضى الناس.
فاجعلي همك إرضاء رب الناس -سبحانه وتعالى- واجتهدي في الأعمال الصالحة، وإذا وقعت في الخطأ فتوبي، والعبارة المذكورة في استشارتك تحتاج منك إلى توبة، والتوبة تجب ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها.
واعلمي أن ظلم الناس لك لا يبرر لنا الاعتراض على القدر أو الإجابة بكلمات ليست في مكانها، لكن نبشرك بأن مثل هذا الخطأ يغفر عندما تتوبين إلى الله وترجعين إلى الله، وهذا هو الظاهر من استشارتك، بل هو الذي دفعك للكتابة إلينا، وعليه نحن نبشرك – إن شاء الله – بمغفرة الغفور، فأكثري من الحسنات الماحية، واجتهدي في الطاعات، وتقربي إلى رب الأرض والسماوات، وقابلي إساءتهم بالإحسان، لا تقابلي الإساءة بمثلها؛ ليكون لك الأجر الكامل عند الله تبارك وتعالى.
ولا تقطعي الصلة بهم مائة بالمائة، ولكن اجعليها صلة محدودة، بالسؤال عنهم، والمرور عليهم، والسلام عليهم، ولا يحتاج إلى أن تجلسي ساعات طويلة؛ حتى لا يحدث احتكاك وتحدث مشكلات؛ فالإنسان يستطيع أن يبقي شعرة العلاقة، وبهذا يخرج من الحرج الشرعي.
فنسأل الله أن يعينك على الخير، وشكرا لهذه الجارة الناصحة، التي أرجو أن تكون أيضا ممن يناصرك ويعينك، فنسأل الله أن يعينك على الخير، ونتمنى أن تكملي هذا المشوار؛ فإن الصبر ثوابه عظيم، والعاقبة للصابرين، وأنت من سيربح في نهاية المطاف، فاستمري على ما أنت عليه، واهتمي بأولادك، وقبل ذلك بطاعتك لربك، وربي الأبناء على ما يرضي الله تبارك وتعالى.
واعلمي أن الإنسان إذا استعان بالله، وتوكل عليه واستقام؛ ستعود الأمور -إن شاء الله- إليه بالخير، وسيكسب الجولة في نهاية المطاف، والربح الحقيقي هو عند الله في الآخرة، {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} والجنة مهرها غال، فاتقي الله واصبري، وأبشري بالخير، ومرحبا بك (ابنتنا) في موقعك.