أتعبتني وساوس الوضوء والصلاة، فكيف أتخلص منها؟

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني كثيرا من الوسواس منذ عدة أشهر، والبارحة بعد صلاة التراويح بدأت أوسوس بأن صلاتي غير مقبولة، وأكرر الوضوء، وأني لا أصلي جيدا، وعلي إعادة الصلاة، قلت في نفسي: هذا من الشيطان، وبدأت أقول: أيها الشيطان ما دخلك في صلاتي؟ وكنت غاضبة حتى قلت كلمة سب، ولا أدري هل تحرك بها لساني أم نفسي فقط!

استغفرت، وقلت: إن الكلام من نفسي فقط، ولا يجب علي الاغتسال، وبعد الفجر اشتكيت لأمي حول وساوسي في إعادة الوضوء والصلاة، ووسواس الطهارة، وكذلك تغيير ملابسي كلها أكثر من مرة في اليوم، خشية نجاستها، وأخبرتها أيضا أني قلت كلمة سب، وشرحتها بطريقة غير مباشرة دون نطقها حتى تعرف ما قلت، والآن أنا نادمة، ولا أتوقف عن التفكير، فهل يجب علي الغسل أم لا؟ وهل يجب قضاء الصوم هذا اليوم أو لا؟ وهل يعتبر هذا كفرا؟ وهل سيغضب الله مني؟ وهل تقبل صلاتي إذا لم أغتسل؟

الوسواس يعذبني كلما نطقت كلمة، وأنا أتحدث مع أهلي وأخشى عليهم من الكفر، وأمي تقول هذه ليست كلمة كفر، ولو كنت وحدي وقلتها وأنا متأكدة أنها كفر فيختلط علي الأمر هل تحرك لساني أم قلتها في نفسي فقط؟ ولا أدري لماذا قلتها أصلا؟ حتى أصبحت أجدد الغسل كثيرا، وأمي غاضبة جدا مني بسبب تصرفاتي، وتقول بأني لا أطيعها بترك هذا الوسواس، وهذا من العقوق، عندما رأتني أجدد الغسل كل يومين أو ثلاثة أيام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حياة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصرف عنك شر هذه الوساوس، وشيء جيد وحسن أنك مدركة تمام الإدراك أنك تعانين من هذه الوساوس، وأن كل ما تتعرضين له إنما هو من آثارها، وهذه المعرفة تسهل عليك الأخذ بأسباب مدافعة هذه الوساوس والتخلص منها، ونحن نصيحتنا لك أن تكوني جادة وصابرة في نفس الوقت، لتأخذي بأسباب دفعها والتخلص منها.

وذلك أن الوصية النبوية لمن أصيب بالوساوس سهلة في ظاهرها، ولكنها من حيث التطبيق تحتاج إلى نوع من الصبر، والإدراك التام أن النهاية هي الفرج -بإذن الله تعالى- والتخلص من الوساوس، فالوصية النبوية هي: الإعراض الكامل عن هذه الوسوسة، وعدم الاشتغال بها، فكل هذه الأسئلة التي ذكرتها الآن في استشارتك كلها أسئلة فرضتها عليك هذه الوساوس، فأول خطوات الحل والعلاج هو أن تتركي تماما البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، وأن تدركي تماما أنها أسئلة ناشئة عن هذه الوسوسة، وأن الإجابة عنها إنما هو تأكيد لهذه الوساوس وتقوية لها، وأن بحثك عن الإجابات ليس هو الطريق الذي يرضي ربك عنك، وإنما هو اتباع للشيطان، والله تعالى ينهاك عن اتباع خطوات الشيطان، كما قال الله في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان} [النور: 21].

فإذا أدركت وعرفت هذا تمام المعرفة؛ سهل عليك حينها أن تشغلي نفسك بأي شيء آخر غير موضوع الوساوس؛ فالله تعالى لا يحب أبدا منك الاشتغال بها والجريان وراءها، وما يحاول الشيطان أن يخوفك منه، وأنك على خطر عظيم، وأن دينك قد يذهب، وأنك لا بد أن تهتمي بإسلامك أو دينك، كل هذه المظاهر التي يحاول الشيطان أن يظهر لك بها، وأنه يظهر بمظهر النصح والحرص على دينك، كلها خدع شيطانية يستغل فيها ضعفك وما يوجد في قلبك من إيمان، ليوقعك في أنواع من الضيق والهم والقلق والحرج، والله تعالى يريد بك اليسر والسهولة، فشرعه ودينه سهل، وطريقه الموصلة إلى جنته سهلة يسيرة.

مطلوب منك فقط أن تهملي هذه الوساوس، وأن تتجاهليها تمام التجاهل، وأن تحقريها أيضا، وأنها أفكار حقيرة مصدرها الشيطان، والشيطان لا يأمر بخير.

وبهذا تدركين أنك ومن الخطأ أن تغتسلي، وأن تظني بأنك قد كفرت، وغير ذلك مما ذكرته في استشارتك، فنحن نوصيك بتقوى الله تعالى، وأن تكوني جادة في الأخذ بهذه الوصية النبوية التي لخصها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله لمن أصيب بالوساوس: (فليستعذ بالله ولينته)، فأكثري من ذكر الله تعالى، واصرفي نفسك عن الاشتغال بهذه الوسوسة، واصبري على هذا الطريق، وستجدين نفسك -بإذن الله تعالى- بعد أيام قد تخلصت من شرها.

وأنت طبيبة تدركين أن الأمراض الجسدية والنفسية قد يكون الإنسان بحاجة إلى نوع من التداوي، ليعيد للبدن اتزانه واعتداله، فخذي بهذا السبب؛ فإنه من جملة الأسباب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، فتداووا عباد الله).

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يصرف عنك كل سوء ومكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات